نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 4 صفحه : 456
الذي استطاع أن يقود الأمة في أخطر فترة و أشد معترك، و أن يفتح آفاق الفكر، و يرسي قواعد الفقه، و يتحاشى مأزق السلطان و السياسة، كان في بيته الأب الحاني و المربي العالم الذي يظل أولاده بالعطف و يغذيهم بالهداية و النور، و يحبهم و يبرّهم جميعا. و نحن على أن إسماعيل كان على الصلاح و الهداية، و كان يلقى من الإمام الصادق حب الأب و رعاية الإمام، فالتقت صور العطف هذه مع كون إسماعيل أكبر أولاد الإمام الصادق في تكوين الظن بأنه الإمام من بعد أبيه. و أما ما قيل من البداء في هذا المورد و بهذا المفهوم فلا أساس له، لأن الإمام الصادق لم يشر إلى إمامة إسماعيل بالرغم من أن الأسئلة التي كانت توجه إليه كثيرة، و ما روي عن الادعاء بالبداء، صادر من المخالفين الذين أباحوا لأنفسهم الكذب و التقوّل على الشيعة و أئمتهم كالجريرية [1] و البترية [2] و أصل أقوالهم التي نسبوها إلى الشيعة في البداء كان في تحولات الغلاة و بحثهم عن الأفكار التي تنسجم مع جذورهم كجماعات تسعى إلى إظهار ما جاءت عليه أيام الإسلام من عقائدهم، و أطلقوا هذه المقالة في ظروف أصابهم الفشل فيها بعد أن حاولوا- في غلوهم و انحرافهم- الانتساب إلى ثورة محمد النفس الزكية [3] و قد كان المغيرة بن سعيد يدّعي الصلة بمحمد بن عبد اللّه بن الحسن، و يقول أن الإمام علي زين العابدين (عليه السلام) أوصى إليه، و أن النفس الزكية أذن له في أمور منها: خنق الناس [4].
و لما فشلت تلك الثورة و قتل محمد و أخوه إبراهيم، ادّعوا أن الشيعة وضعت البداء، لكي لا يظهر من أئمتهم القول بخلاف ما أخبروا به.
و الثابت الذي لا يرقى إليه الشك هو أمر وفاة إسماعيل في حياة الإمام الصادق.
ذكر ابن خلدون أنه توفي في حياة أبيه في العريض في المدينة المنورة، و دفن بالبقيع سنة 145 ه [5] و يقول المقريزي: إن إسماعيل توفي سنة 138 ه و جعفر والده لا
[1] اتباع سليمان بن جرير من الفرق الزيدية قال بأن الإمامة شورى و أنها تنعقد بعقد رجلين من خيار الأمة، و أجاز إمامة المفضول، و يذكر البغدادي أن بعض أصحاب التواريخ ذكروا أن سليمان بن جرير سم إدريس بن عبد اللّه بن الحسن، و يسميها الشهرستاني السليمانية.
[2] اتباع الحسن بن صالح بن حي و كثير النواء الأبتر، و هم كالجريرية و قد توقفوا في عثمان.