نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 4 صفحه : 412
و القصد، فإن الانتقال إلى مصر لم يكن كرحلاته السابقة لطلب العلم، إنما اختار بلدا و هو عازم على أن يكون محلا لإقامته ليس فيه من ينازعه. فقد حلّ بين رجال يجمعهم اتّباع مالك، و لما استقرّ أخذ في الردّ على أستاذه، و قد انتهى إلى مذهبه الجديد و قد كلفه ذلك حياته، إذ اعتدى عليه أتباع مالك.
و كيف كان فقد جاء الشافعي بمذهبه الجديد، و كان قد درس المذهبين: مذهب أهل الرأي و مذهب أهل الحديث. و قد لاحظ ما فيهما من نقص، فبدا له أن يكمل ذلك، و أخذ ينقص بعض التعريفات منه ناحية خروجها من متابعة نظام متحد في طريقة الاستنباط، و ذلك يشعر باتجاهه في الفقه اتجاها جديدا لا يكاد يعنى بالجزئيات و الفروع.
و خير ما يلخّص مسلكه هو أنه قال: الأصل قرآن و سنة، فإن لم يكن، فقياس عليهما. و إذا اتصل الحديث عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) و صحّ الإسناد فهو سنّة، و الإجماع أكبر من الخبر المفرد، و الحديث على ظاهره، و ما احتمل معاني فما اشتبه منها ظاهر أولاها به، و إذا تكافأت الأحاديث فأصحها إسنادا أولاها، و ليس المنقطع بشيء ما عدا منقطع ابن المسيب، و لا يقاس أصل على أصل، و لا يقال للأصل لم و كيف.
و إنما يقال للفرع، فإذا صحّ قياسه صحّ و قامت به الحجة.
فهو بهذا المسلك و بهذا المنحى قد ردّ على مالك، لتركه الأحاديث الصحيحة لقول واحد من الصحابة أو التابعين أو رأي نفسه.
و هاجم أبا حنيفة و أصحابه لأنهم يشترطون في الحديث أن يكون مشهورا، و يقدّمون القياس على خبر الآحاد و إن صح سنده، و أنكر عليهم تركهم لبعض السنن لأنّها غير مشهورة، و عملهم بأحاديث لم تصحّ عند علماء الحديث، بدعوى أنها مشهورة. و وقف في القياس موقفا وسطا، فلم يتشدّد فيه تشدّد مالك، و لم يتوسّع فيه توسّع أبي حنيفة [1].
و يقول إمام الحرمين الجويني: فمالك أفرط في مراعاة المصالح المطلقة
[1] انظر تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية للأستاذ مصطفى عبد الرازق ص 225. و ضحى الإسلام لأحمد أمين ج 2 ص 224.
نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 4 صفحه : 412