responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر    جلد : 4  صفحه : 411

و أدى اتساع حلقة الشافعي في مصر إلى سخط المالكية، و إلى تعرّضه إلى مسلك من التعصب. فذكر الساجي: إن الشافعي إنما وضع الكتب على مالك بسبب أنه بلغه أن قلنسوة لمالك يستسقى بها، و كان يقال لهم: قال رسول اللّه. فيقولون:

قال مالك. فقال الشافعي: إنما مالك بشر يخطئ. فدعاه ذلك إلى تصنيف الكتاب في اختلافه معه و كان يقول: استخرت اللّه في ذلك مدة سنة.

و في مصر بلغ الشافعي درجة من الاجتهاد و النضج العلمي. و لا نشك في ذلك، فإن القول القديم و هو العراقي، و القول الجديد و هو المصري، أو مذهبه الجديد و مذهبه القديم، ينمّان عن تطور في المدارك، وسعة في التحصيل. و لقد قيل أن السبب في هذا التحول في الأقوال هو من عوامل البيئة و من مظاهر التأثر بالأوضاع، و الأمر قد يتسع للأقوال بهذا الخصوص، و لكنها لا تتسع للادعاء بأنه أعلم الأمة، و أن أمر التشريع انحصر به، و انتهى إليه الفقه. فإذا نظرنا إلى المدة فإن الشافعي (رحمه اللّه) توفي سنة 204 ه فهي لا تكفي ليتحقق هذا الادعاء، و قد وجدنا من المبالغات في مواهبه ما لا يقرّه الواقع، و لا يحتمله العقل. و لكن عواطف الأصحاب، و الإيقاع، و مماحكات التعصب، و ظروف التنازع المذهبي أدت إلى تعاطي ما يخالف الحقائق.

و من الإنصاف القول أنه لم يبلغ الدرجة التي يستحق أن يكون بها عند أتباعه، لأن الإساءة بوضع الأقوال بتأثير ردود الأفعال واضحة، و الإمام الشافعي له من العلم و الفضل الحقيقيين ما يغني، و احتلاله المنزلة التي يراها هو لنفسه خير من عواطف و ردود أفعال مرتجفة.

و قد قلنا و تحدثنا مرارا عن أمواج الادعاءات، و قد كان الشافعي يعترف لأحمد بن حنبل بأنه أعلم منه في الحديث.

لقد امتاز الشافعي عن غيره من أئمة المذاهب بتدوين مذهبه و تأليف كتبه. و قد ذكر له كثير من الكتب، ذكرها ابن النديم و البيهقي و ياقوت، و نسب له المسند، و ليس من تأليفه، و إنما استخرجه بعض أصحابه من أسانيد الأم. و قد كان تدوين المذهب، سببا في الادعاء أن الشافعي هو أول من قعّد القواعد و أصّل الأصول، و هو ما يجافي الحقيقة و لا يتفق مع الواقع، لأن التدوين لا يعني السبق في تقعيد القواعد و تأصيل الأصول، و إنما هو تحرير للمذهب و تقرير للرأي، و قد ناقشنا في فصل (تدوين العلم) في الجزء الثاني ذلك، فلا حاجة إلى ذكر المزيد هنا.

نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر    جلد : 4  صفحه : 411
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست