نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 4 صفحه : 403
و لم يدعوا أقواله في الفرق بين الفقه و الطب و منازعهما على ما وردت به مما يعلمه كل فقيه عالم بالأحكام عارف بالحديث، غير أنهم ادعوا معرفته بالطب و احتجوا بمزيد من الأقوال كقوله: لا تسكن بلدة لا يكون فيها عالم يخبرك عن دينك، و لا طبيب يخبرك عن أمر بدنك. و إنه كان يتلهّف على إعراض المسلمين عن علم الطب.
و إذا نظرنا إلى عصر الرشيد، رأينا أن ظهور النصارى بالطب، و دخولهم في خدمة الرشيد، و حذقهم في ذلك قد حمل المسلمين على التلهف على كون الطب في غير المسلمين، و أن ادعاءهم مبني على استشعار المسلمين هذه الحاجة. فالشافعي يعرف الطب في هذه الظروف التي أدت إلى استخدام النصارى، لأن المسلمين جهلوا ما في دينهم من وجوه الاهتمام بالبدن و وصايا الطب، فقد روى الثعلبي في تفسيره أن بختيشوع بن جبريل المتطبب النصراني كان يخدم الرشيد، و كان حاذقا، فقال يوما بحضرة الرشيد لعلي بن الواقد الواقدي: ليس في كتابكم من علم الطب شيء، و العلم علمان علم الأبدان و علم الأديان. فقال له علي بن واقد: قد جمع اللّه الطب في نصف آية من كتابه و هو قوله تعالى: كُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ لا تُسْرِفُوا فقال النصراني: أو لا يروى عن نبيكم شيء من الطب؟ فقال الواقدي جمع النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) الطب في كلمات و هي قوله: «المعدة بيت الداء، و الحمية رأس كل دواء، و أعط كل بدن ما عوّدته».
فقال النصراني: ما ترك كتابكم و لا نبيكم لجالينوس طبا [1].
و برواية المحنة تكتمل شروط الرئاسة المذهبية، و بتفاصيل تفرّده في النبوغ و المعرفة يصبح مؤهلا إلى أن يبعث لهذه الأمة، و يكون بمقتضى رواية أبي هريرة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «يبعث اللّه لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدّد لها دينها» هو المقصود، و ينسب إلى أحمد بن حنبل ترويج ذلك و أنه قال: نظرت في سنة مائة فإذا هو رجل من آل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) و نظرت في رأس المائة الثانية فإذا هو رجل من آل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم محمد بن إدريس (رحمه اللّه).
ثم يمضون، فيضعون في رأس كل مائة أحد شيوخهم من الشافعية، و قد