نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 4 صفحه : 390
أدى رضا السلطان و احتضانه لمالك إلى أن يكون مثله فيزدحم الناس على بابه، و يقف الحجّاب عليها يمنعونهم من الدخول عليه، فإذا أذن لهم ازدحموا.
قال أبو مصعب: كانوا يزدحمون على باب مالك، فيقتتلون على بابه من الزحام، و كنّا عنده فلا يكلم هذا هذا، و لا يلتفت ذا إلى ذا، و الناس قائلون برءوسهم هكذا (مبالغة في الإنصات) و كان الأمراء تهابه، و هم مستمعون، و كان يقول في المسألة: لا أو نعم. فلا يقال له: من أين لك هذا.
و قد أنكر عليه بعض العلماء ما رأوه من حاله و أعماله، و ترك الحديث عنه الحكم بن نافع الحمصي و هو أحد العلماء، و من احتج الشيخان بحديثه، فإنه رأى مالكا و لم يسمع منه لما رأى من الحجّاب و الفرش [1].
و تكلم فيه أيضا إلى جانب ابن أبي ذؤيب و ابن إسحاق عبد العزيز بن أبي سلمة و عبد الرحمن بن زيد بن أسلم و ابن أبي يحيى و ابن أبي الزناد، و عابوا أشياء من مذهبه، و تكلم فيه غيرهم. و تحامل عليه الشافعي و بعض أصحاب أبي حنيفة، و عابه قوم في قعوده عن مشاهدة الجماعة في مسجد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) [2] و قال الخطيب: قد ذكر بعض العلماء أن مالكا عابه جماعة من أهل العلم في زمانه بإطلاق لسانه في قوم معروفين بالصلاح و الديانة و الثقة و الأمانة [3].
و ما يرويه الإمام الشافعي في أول اتصاله بمالك يؤيد ذلك، عند ما أخذ من والي مكة وصية إلى والي المدينة يطلب منه إيصال الشافعي إلى مالك.
قال الشافعي:
فأوصلت الكتاب إلى الوالي، فلما قرأه قال: يا فتى، إن مشيي من جوف المدينة إلى جوف مكة حافيا راجلا أهون علي من المشي إلى باب مالك بن أنس، فلست أرى الذلة حتى أقف على بابه. فقلت: أصلح اللّه الأمير إن رأى أن يوجه إليه ليحضر؟ قال: هيهات، ليت إني إذا ركبت أنا و من معي، و أصابنا من تراب العقيق نلنا بعض حاجتنا. قال: فواعدته العصر، و ركبنا جميعا، فو اللّه لكان كما قال، لقد أصابنا