responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر    جلد : 4  صفحه : 389

قتيبة: كنّا إذا أتينا مالكا خرج إلينا مطيبا، قد لبس من أحسن ثيابه، فتصدّر و دعا بالمراوح، فأعطى كل إنسان مروحة [1].

و قد نصح بعضهم مالكا بالتواضع، و ترك ما هو عليه. فكتب إليه يحيى بن يزيد بن عبد الملك النوفلي المدني- و كان من أهل الحديث-: بسم اللّه الرحمن الرحيم، و صلى اللّه على رسوله محمد في الأولين و الآخرين، من يحيى بن يزيد بن عبد الملك إلى مالك بن أنس، أما بعد فقد بلغني أنك تلبس الدقاق، و تأكل الرقاق، و تجلس على الوطء، و تجعل على بابك حاجبا، و قد جلست مجلس العلم، و قد ضربت إليك المطي، و ارتحل إليك الناس، و اتّخذوك إماما رضوا بقولك؛ فاتق اللّه يا مالك، و عليك بالتواضع، كتبت إليك بالنصيحة كتابا ما أطلع عليه غير اللّه سبحانه و تعالى و السّلام.

و يكتب إليه مالك كتابا يقرّ في آخره بما آخذه به يحيى و يقول: فنحن نفعل ذلك، و نستغفر اللّه تعالى، فقد قال اللّه تعالى: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ‌ و إني لأعلم أن ترك ذلك خير من الدخول فيه‌ [2].

و الخلاصة، إننا لم نجد عند أحد من رؤساء المذاهب أو العلماء الذين كان لهم حظ وافر من تقريب السلطة لهم ما وجدناه عند مالك، فهذا الإمام أحمد كان يتحلى بروح إنسانية عالية بعيدة عن الميل و العنف- مع تشدده- فقد سئل يوما عن حبس أهل البدع، فأنكر ذلك بحجة أن لهم والدات و أخوات. أي أنه كره أن يتعدى عقابهم إلى الأبرياء من ذويهم ممن ليس لهم ذنب أو جريمة، و ما خلا القول بخلق القرآن و الرؤية، فإنا نرى الإمام أحمد يسمح بالمناظرة و القول.

و من العجب أن يستجيب رجل الدين للدولة و يؤثر فيه ميلها إليه بحكم مصالحها و احتضانها له لأغراضها، و يسمح لنفسه بأن يعامل الآخرين بهذا الشكل من النكال. فيشمل ذلك طلبة العلم أو العلماء، و أنهم- كما رأينا- تركوا أن يحدّثوا بشي‌ء لأنه كان يعاقب من يروي عن النبي حديثا فيسجنه ما لم يصح عنده. فما ذا يعتذر له بذلك؟ فليسوا أصحاب جدل و لا شبهة هوى أو بدعة، و إنما علماء عاصروه و هم أعلم منه أو في طبقته، و ما علمنا ذلك إلّا من شئون الملوك و سلاطين الزمان. و لكن‌


[1] تذكرة الحفّاظ ج 1 ص 196.

[2] إحياء علوم الدين ج 1 ص 114.

نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر    جلد : 4  صفحه : 389
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست