نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 4 صفحه : 374
لاحتلال تلك المنزلة بعد وفاته، و لتكون له الرئاسة بوصية و عهد من الإمام الصادق، و ذلك من الجهل بمكان فإذا اتسع المجلس لمالك في مجال التلمذة و الأخذ العلمي، فلا تتسع الوصاية له أو لغيره من الناس إلا من نص عليه في خبر الإمامة، و جاء ذكره في آثار الولاية المحفوظة و المعهودة عند أولياء الأمر من الأئمة الهداة المعصومين.
و كذلك فإن كتّاب المناقب جعلوا من اسم الإمام الصادق وسيلة لإضفاء القدسية على سيرة مالك كما فعل القاضي عياض بدعواه أن الإمام الصادق قال: قيل لمالك اخترت مقامك بالمدينة و تركت الريف و الخصب؟ فقال: و كيف لا أختاره و ما بالمدينة طريق إلا سلك عليها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) و جبريل (عليه السلام) ينزل عليه من عند رب العالمين في أقل من ساعة [1]. و لا نعلم مناسبة لذلك و لا وجها، و الدعوى لا تساعد المالكية في تشبّثهم بدار الهجرة لأن الإمام الصادق أعرق أصلا و علما فيها.
و بالجملة فإنا قد اعتمدنا في بيان منازل رؤساء المذاهب على أقوال معاصريهم و أقرانهم من العلماء، فإن فعلنا لا نجد ما يدل على امتيازه و تفرّده بخصائص تؤهله للمرجعية دون غيره، و قد ذكرنا الكثير منها لتكوين الاطلاع و العلم اللازم للموازنة و المقارنة بين شخصيات رؤساء المذاهب و أئمتها.
سئل أحمد بن حنبل عن مالك؟ فقال: حديث صحيح و رأي ضعيف [2].
قال يحيى بن بكير: الليث أفقه من مالك، لكن الحظوة لمالك [3].
قال الشافعي: الليث أفقه من مالك إلا أن أصحاب لم يقوموا به.
و في رواية: الليث أفقه من مالك إلا أنه صنيعة أصحابه [4].
و قال سعيد بن أيوب: لو أن الليث و مالكا اجتمعا، لكان مالك عند الليث أبكم، و لباع الليث مالكا فيمن يريد [5] و قد اطلعنا- سابقا- على بعض رسالة مالك إلى الليث و منها:
ثم كان التابعون من بعدهم يسلكون تلك السبيل، و يتّبعون تلك السنن، فإذا كان الأمر بالمدينة ظاهرا معمولا به، لم أر لأحد خلافه للذي في أيديهم من تلك