نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 4 صفحه : 363
النعمان و كنيته أبو حنيفة هو سراج أمتي، هو سراج أمتي، هو سراج أمتي [1]. و غالطوا الحقائق فقالوا: إن أهل الكوفة كلهم موالي لأبي حنيفة- أي عبيد- فأعتقهم [2].
يريدون نفي حقيقة أن أبا حنيفة كان مولى لبيت من بيوت الكوفة و كان لهم ولاؤه.
و قد دخل التعصب في إطار الأشخاص و تقديس الرؤساء، لأن الأحوال أدّت إلى اصطناع المذاهب و تعيين الرؤساء، و راح الناس في ظل التنازع و التعصّب يلتحمون بالطائفة التي شبّوا في أفيائها و عاشوا بأوساطها، و قد لجأ المالكية إلى حديث عالم المدينة، فإن كان صحيحا، فأين ذهب عن مالك في حينها ليحتج به لنفسه؟
و ذلك أول ما يتبادر، لأن عموم حديث مالك و غاية جهده أن يجعل موقع المدينة و منزلتها الشرعية في المكان الأول، و عمل أهل المدينة متبعا بحكم تشرّفها بهجرة الرسول محمد و هبوط الوحي، و مكانة المدينة تجيب عليها السرائر و تعبّر عنها المشاعر قبل أن تنص عليها الأقوال و الأفعال، إلا أنها جعلت في صيغة يلتمس بها الظفر و الفلج في وجوه و موارد هي من التصرف و السلوك، و ليس من مضامين العلم أو أغراض الشريعة المحضة.
لقد جعلوا من الحديث النبوي معتمدا في ترجيح المذهب المالكي من خلال ترجيح شخصية مالك و انطباقه عليه وحده، و هو أنه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) قال: يوشك أن تضرب الناس أكباد الإبل في طلب العلم. و في رواية: يلتمسون العلم، فلا يجدون عالما أعلم. و في رواية: أفقه من عالم المدينة. و في رواية: من عالم بالمدينة. و في بعضها: آباط الإبل، مكان: أكباد الإبل. و قد رواه البخاري عن ابن جريج موقوفا على أبي هريرة، و محمد بن عبد اللّه الأنصاري عن ابن جريج، و رواه أيضا المقبري عن أبي هريرة: لا تنقضي الساعة حتى يضرب أكباد الإبل من كل ناحية إلى عالم المدينة يطلبون علمه. و خرّجه النسائي مرفوعا إلى أبي هريرة: يضربون أكباد الإبل و يطلبون العلم و لا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة. و روي عن أبي موسى الأشعري بلفظ: يخرج ناس من المشرق و المغرب في طلب العلم، فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة. إلى آخر الروايات التي ذكرها كتّاب المناقب كابن فرحون.