نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 4 صفحه : 206
و أخذ المتوكل يروّج المنامات عن نفسه على طريقتهم، فيدّعي أنه رأى النبي الأعظم (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) في المنام، و قام إليه فقال له (صلّى اللّه عليه و آله و سلم): تقوم إليّ و أنت خليفة. و يعبّر له الحاشية ذلك بقولهم: أبشر يا أمير المؤمنين، أما قيامك إليه فقيامك بالسنة، و قد عدّك من الخلفاء. فيسر بذلك [1].
و هكذا حصرت السنّة في رعاية الحنابلة، و ترك حبلهم على الغارب يعيثون في الأرض و يرتكبون ما حمل ابن تيمية- أبا بدعة الوهابية و شيخ مذهبهم- أن يقول: بأنهم أتوا من المنكرات و الإمام أحمد بريء منهم [2]. و هو قول يرمي به إلى نفي المسئولية عن أسلافه، و يفتقر إلى الصحة، لأن رجال أحمد كالمروذي و أصحابه كانوا على رأس العامة يهيّجونهم إذا هدأوا، و يستفزّونهم إذا خمدوا. و قد كانت البداية في عهد المتوكل، ثم توالت عهود هيمنتهم و تحكمهم و إلزام الناس بأفكارهم المجسّمة و غيرها، حتى بلغ الأمر تهديد من يخالفهم، و استعداء الحكام عليه، و استخدام قوتهم لأغراض مذهبهم. فكان من وجوه ابتلاء الأمة أن يتعرّض كل من لا يرى رأيهم في التجسيم و الرؤية [3] للأذى، في حين يبقى يحيى بن أكثم- و هو من أركان الحكم في عهد المأمون- على مكانته، و يظل في منزلته من الخليفة، لأن أحمد بن حنبل راض عنه. قال المأمون ليحيى بن أكثم: من الذي يقول- و هو يعرّض به-:
قاض يرى الحدّ في الزناء و لا* * * يرى على من يلوط من بأس
قال: أو ما يعرف أمير المؤمنين من قاله؟ قال: لا. قال: يقوله الفاجر أحمد بن أبي نعيم الذي يقول:
حاكمنا يرتشي، و قاضينا* * * يلوط، و الرأس شرّ ما راس
لا أحسب الجور ينقضي، و على ال* * * أمة وال من آل عباس
[4] و لمّا كان يحيى بن أكثم قاضيا للبصرة، رفع الناس إلى المأمون أنه أفسد أولادهم بكثرة لواطه، و بلغ من إذاعته و مجاهرته باللواط في بغداد أن المأمون أمره أن
[1] راجع: المناقب لابن الجوزي. و البداية و النهاية. 10/ 351.