responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر    جلد : 4  صفحه : 202

جاع- و هو عند المتوكل- جوعا عظيما، و كاد أن يقتله الجوع. و قد قال بعض الأمراء للمتوكل: إن أحمد لا يأكل لك طعاما، و لا يشرب لك شرابا، و لا يجلس على فراشك، و يحرّم ما تشربه. فقال: و اللّه لو نشر المعتصم، و كلّمني في أحمد؛ ما قبلت منه‌ [1]. و يروى أنه كان يتألم من هذا اللقاء و يقول: سلمت منهم طول عمري، ثم ابتليت بهم في آخره‌ [2]. فلما ذا هذا الألم؟ و كيف يتفق ذلك مع الدعوة إلى الطاعة و الاستسلام إذا كان الاتصال بالحكام ابتلاء؟ و من يكن سببا في البلاء لا بد أن حاله على غير ما يدعو إليه الإسلام، و بخلاف ما يستريح إليه المؤمن. بل أن أحمد بن حنبل يرى أن تكريم المتوكل له يجعله في غم، ففي رواية أن عمّ أحمد قال له: لو دخلت على الخليفة، فإنك تكرم عليه؟ فقال: إنما غمّي من كرامتي عليه.

و نرى الإمام أحمد يصرف همّه إلى ما أحاطه به المتوكل من منح و عطايا، و يصبح شغله الشاغل أن يمنع أهله و عمّه- الذي يرافقه دوما- من أخذها، و يلومهم و يعظهم في كلام طويل. فيحتجّون عليه بالحديث: «ما جاءك من هذا المال و أنت غير سائل و لا مستشرف؛ فخذه». و أن ابن عمر و ابن عباس قبلا جوائز السلطان. و يقول:

و ما هذا و ذاك سواء. و لو أعلم أن هذا المال أخذ من حقه و ليس بظلم و لا جور؛ لم أبال.

فكيف يقرّ الظلم و الجور، و تصبح الطاعة من صفات المؤمن؟ و رغم أن أحمد حصر سبب رفضه و ابتعاده عن الحاكم المتوكل بالناحية المالية، فإنه لم يتمكن أن يعزلها عن أسس و حقيقة الحكم القائم. و خلاصة الأمر، أن الإمام أحمد يدعو إلى السمع و الطاعة على الطريقة التي مرّت بنا متأثرا بدعاة السلاطين و سدنة الملوك الذين دسّوا في الأثر ما ليس له علاقة بمبادئ الإسلام و عدالة السنّة، و يعارض دعوته بسلوكه هذا الذي تقتضيه بدائه العقول، فضلا عن تعاليم الإسلام. ثم لا يتجاوز دائرة السلبية و ضيق المجال الذي يتصرّف فيه إلى رحاب المسئولية الدينية في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لدى السلطان الجائر باعترافه هو، و ليس هناك ما يمنع من خشية عليه شخصية أو عداء من جانب المتوكل يمكن أن يؤدي به‌


[1] البداية و النهاية 10/ 339. و المناقب لابن الجوزي 369.

[2] البداية و النهاية.

نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر    جلد : 4  صفحه : 202
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست