نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 4 صفحه : 201
عليهم بالسيف [1]. و عند ما داهموا بيته بتهمة، إيوائه علويا كان يقول: ما أعرف من هذا شيئا، و إن لأرى طاعته في العسر و اليسر و المنشط و المكره و الأثرة. و إني أتأسف على تخلّفي عن الصلاة في جماعة، و عن حضور الجمعة و دعوة المسلمين [2].
و لما جاء المتوكل، أظهر ما يتّفق مع آراء أحمد و معتقداته و منهجه، فأمر بترك النظر و المباحثة في الجدال، و أمر الناس بالتسليم و التقليد، و الترك لما كان عليه الناس في أيام المعتصم و الواثق و المأمون. و أمر شيوخ المحدّثين بالتحديث و إظهار السنة و الجماعة [3]. و أشخص الفقهاء و المحدّثين، و كان فيهم: مصعب الزبيري، و إسحاق بن أبي إسرائيل، و إبراهيم بن عبد اللّه الهروي، و عبد اللّه و عثمان- ابنا أبي شيبة- فقسّمت بينهم الجوائز، و أجريت عليهم الأرزاق، و أمرهم المتوكل أن يجلسوا للناس و يحدّثوا بالأحاديث التي فيها الرد على المعتزلة و الجهمية، و أن يحدّثوا بالأحاديث في الرؤية. فجلس عثمان بن أبي شيبة في مدينة المنصور، و وضع له منبر، و اجتمع عليه نحو من ثلاثين ألفا من الناس. و جلس أبو بكر بن أبي شيبة في مسجد الرصافة، و اجتمع عليه نحو من ثلاثين ألفا.
و قد كان من نتائج تقيّد أحمد بالمأثور عنده و تقليده أن يرى الحاكم قد ولاه اللّه. و لذلك نجده يدعو إلى: السمع و الطاعة للأئمة، و أمير المؤمنين البرّ و الفاجر، و من ولّي الخلافة، و من اجتمع الناس عليه و رضوه، و من غلبهم بالسيف حتى صار خليفة و يسمى أمير المؤمنين ا ه.
و لا بد أن تكون للمتوكل أولية في ذلك بالنسبة للإمام أحمد، فإذا كان يعتقد بالحكام الذين ملكوا الأمر و السلطة بعد الإسلام بعمومهم، فإن المتوكل أولى بكل ما كان يراه و يعتقده، غير أن التردّد و السلوك الذي سلكه أحمد ينمّ عن أمر نستشعر منه الإحراج إن لم يكن به غناء عن الكناية أو التلميح؟ و قد كتب إليه المتوكل بعد أن استيقن من وضعه و قال: إني أحب أن آنس بقربك و بالنظر إليك، و يحصل لي بركة دعائك. و لكنّا نجده لا يقرب أكل المتوكل، و لا يمسّ منه شيئا. و يطوي صائما حتى