و نحوه ما دلّ على النهي عن الفتوى من غير علم [2]؛ فإنّ فيه دلالة واضحة على جوازها مع العلم، و جواز الفتوى يدلّ بالدلالة الالتزاميّة العرفيّة الواضحة على جواز الأخذ بها، و ليس من قبيل الإخبار المحتمل أن يكون ذلك لأجل أن يؤدّي إلى القطع إمّا بالتواتر أو بانضمام القرائن.
ثمّ إنّ الأخبار المذكورة هل تشمل بإطلاقها الأعلم و غير الأعلم؟ و أيضا هل تشمل الحيّ و الميّت أو أنّه لا إطلاق لها، بل هي مهملة مسوقة لبيان أصل تشريع التقليد، فينبغي الرجوع في التعميم و التخصيص إلى حكم الأصل؟
فينبغي التكلّم في مقامين.
الأوّل: في إطلاق هذه الأخبار بالنسبة إلى المسألتين.
الثاني: في حكم الأصل بالنسبة إليهما.
فأمّا المقام الأوّل [في إطلاق هذه الأخبار بالنسبة إلى المسألتين]
فالظاهر أنّ الطوائف الثلاث في مقام بيان شرائط من يرجع إليه، و لم يستفد من مجموع الأخبار اعتبار أزيد من العلم و الوثاقة، فيعلم عدم اعتبار قيدي الأعلميّة و الحياة. نعم، الطائفتان الأخيرتان لا تعمّان تقليد الميّت ابتداء، و إنّما تشملان الاستدامة فقط، لكنّ دعوى استفادة المناط القطعي منهما الشامل للحي و الميّت قريبة جدّا.
و بالجملة: لا ينبغي الريب في دلالة الأخبار على أنّ مناط التقليد هو العلم و الوثاقة فقط، فإن حصل الأمران جاز التقليد، و إن لم يحصل شيء ممّا عداهما من الأمور الكثيرة التي اعتبروها في التقليد فيزيد على ما يعتبر في قبول الرواية باشتراط العلم.
و إنّ أوضح من ذلك دلالتها على جواز الاستمرار بما يأخذه و إن خرج المفتي بعد ذلك عن العلم و العدالة فضلا عن الأعلميّة و الحياة و سائر ما قيل باعتباره، كما يؤخذ بالخبر و إن خرج المخبر عن الوثاقة فضلا عن الحياة.
و الحاصل: لا نفهم فرقا بين دليل اعتبار الخبر و دليل اعتبار الفتوى، حيث قيل هناك