نام کتاب : الأصول في علم الأصول نویسنده : الإيرواني، الشيخ علي جلد : 2 صفحه : 364
«يا زرارة! قد تنام العين و لا ينام القلب و الأذن، و إذا نامت العين و الأذن و القلب وجب الوضوء». قلت: فإن حرّك إلى جنبه شيء و لم يعلم به؟ قال: «لا، حتّى يستيقن أنّه قد نام، حتّى يجيء من ذلك أمر بيّن، و إلّا فإنّه على يقين من وضوئه، و لا تنقض اليقين أبدا بالشكّ و إنّما تنقضه بيقين آخر» [1].
و تقريب الاستدلال بهذه الصحيحة
على حجّيّة الاستصحاب عموما يتوقّف على التكلّم في مقامين:
الأوّل في مادّة النقض: فاعلم أنّ النقض من النقيض و التناقض. و نقض الاستدلال و نقض العهد و نقض الوضوء و نقض الصلاة و هلمّ جرّا. و نقض الشيء هو قلبه إلى النقيض مثل أن يزيل يقينه في المقام بالتأمّل فيما يذهبه، و قد شاع إطلاقه على رفع اليد عن كلّ عمل و إفساده، و معنى إفساده إلغاؤه عن الأثر كنقض الوضوء بالحدث و نقض الغزل و الحياكة و البناءة و الفلاحة، و من ذلك نقض اليقين بشيء من عدد الركعات برفع اليد عن الصلاة بمجرّد الشكّ في عدد الركعات، فلفظ «النقض» في «لا تنقض» في الصحيحة الثالثة [2] مستعمل في حقيقتها بلا توسّع.
و قد يتوسّع و يطلق على ترك الالتزام و الأخذ بلوازم عمله و نتائجه؛ إذ بذلك يشبه الملغي لعمله و جاعله بلا أثر و ثمر، و من ذلك المقام. و على ذلك يستكشف من عبارة «لا تنقض»- كشفا اقتضائيّا- عن أنّ أثر اليقين بشيء- حكما كان أو موضوعا- هو استمرار ما على يقين منه في ظرف الشكّ تعبّدا الذي هو معنى الاستصحاب؛ ليكون رفع اليد عن ذلك الاستمرار نقضا، و الالتزام به إبقاء، فصدق مادّة النقض إنّما هو بلحاظ جعل الاستمرار و التعبّد بالاستصحاب، فهو متأخّر عن ذلك الجعل و كاشف عنه كشفا إنّيّا، لا سابق عليه حاصل به إنشاء جعله إلّا على سبيل الكناية كإنشاء الأحكام الشرعيّة إجمالا بعبارة:
أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ[3] الكاشفة عن وجود أحكام مجعولة تجب إطاعتها، ف «لا تنقض» ك «أطيعوا» في مرتبة متأخّرة عن جعل الحكم، لا أنّ به يكون جعل الحكم.
[1]. التهذيب 1: 8/ 11؛ وسائل الشيعة 1: 245 أبواب نواقض الوضوء، ب 1، ح 1.