نام کتاب : الأصول في علم الأصول نویسنده : الإيرواني، الشيخ علي جلد : 1 صفحه : 65
الفور و التراخي
صيغة الأمر لا تقتضي سوى طلب الطبيعة من غير تقييد بالفور. و لازمه جواز كلّ من الفور و التراخي إذا كان الإطلاق في مقام البيان من هذه الجهة. و أمّا التقييد بالتراخي فالظاهر هو أنّه لم يحتمله أحد. و الكلام في المقام هو الكلام في المسألة السابقة فلا نعيد.
و قد يستدلّ على الفور بآيتي المسارعة [1] و الاستباق [2] و ذلك خطأ واضح؛ فإنّ الآيتين إن دلّتا على الفور كانتا دليلين خارجيّين على وجوب الفور، و ذلك أجنبي عن محلّ البحث الذي هو دلالة الصيغة.
مع أنّ قضيّة الآيتين وجوب الفور مستقلا لا قيدا في المطلوبات الأوّليّة لتفيدا التقييد في إطلاق الخطابات الأوّلية، بل مادّتي المسارعة و الاستباق تقتضيان سعة الوجوب و شمولاه للمأتي به متراخيا، و إلّا لم يكن الإتيان فورا مسارعة و لا استباقا.
و من أعجب ما تمحّل في المقام حمل الآيتين [آية فَاسْتَبِقُوا، و آية وَ سارِعُوا] على الاستحباب أو الإرشاد، زاعما بأنّهما لو كانتا للإيجاب لكان البعث بالتحذير على تركهما أنسب، و بأنّ العقل مستقلّ بحسن المسارعة و الاستباق [3]؛ لمنع الأنسبيّة أوّلا، و منع لزوم مراعاة الأنسب ثانيا، و إلّا وجب حمل جلّ الخطابات الإلزاميّة
[1]. آية المسارعة هي قوله تعالى: وَ سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ آل عمران (3): 133.
[2]. آية الاستباق هي قوله تعالى: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ البقرة (2): 148 و المائدة (5): 48.