أحكامه غالبا على ذوات الأشياء، مثل حرمة الخمر و حليّة الماء و أمثالهما بلا نظر إلى حال الفاعل، و ذلك لأجل علمه و إحاطته بمناطات الأحكام، و ما يكون من المصالح و المفاسد في ذوات الأشياء كما يكشف عن ذلك تخلّف حكم الشرع عن العقل في موارد، فتأمّل!
فعلى هذا؛ فإذا حكم العقل بشيء لا يخلو عن أنّه إمّا يلاحظ حال [1] العلم فيستتبعه الحكم عليه عند الشكّ، نظير الاحتياطي الشرعي، كحكمه بعدم جواز التصرّف في أموال الناس و أعراضهم، فمثل هذه الموضوعات تكون أبا حكمين.
و إمّا يختصّ حكمه بحال العلم فقط دون أن يكون له الحكم عليه بمثله عند الجهل و الشكّ، كما يمكن أن يكون من هذا القبيل حكمه بحرمة تناول المضرّ.
و إمّا أن يكون تمام الموضوع لحكمه عدم العلم بالشيء و جهله بحاله، و هذا يصير أبا حكم واحد، و هذا الخلاف الّذي يكون بينهم من أنّ الكذب هو الإخبار عمّا هو المخالف للواقع أو الاعتقاد أو كليهما مرجعه إلى ما ذكرنا من أنّه هل يكون من الموضوعات الّتي للعلم بمخالفة القول للواقع دخل فيها، أو يكفي فيه عدم العلم بالمطابقة، و لو كان في الواقع [2] مطابقا.
[1] إذ حكم العقل مقصور في الموارد بلحاظ حال الفاعل و حيثيّة الصدور، لأنّ الحكم مع قطع النظر عن لحاظ حال الفاعل و على الذات المجرّدة لمن يعلم بخواصّ الأشياء كما لا يخفى، «منه (رحمه اللّه)».
[2] و يؤذن بكونه من قبيل أبي حكم واحد قوله تعالى: قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (يونس (10): 59)، فتدبّر! «منه (رحمه اللّه)».