نعم؛ لو لم يعلم العبد ببعث المولى يستحيل أن ينبعث عن بعثه؛ لأنّ وجوده الواقعي لا يمكن أن يؤثّر في إرادة العبد، بل ما هو الموجب له هو وجوده العلمي، و وجود تقدّم العلم بالخطاب على الانبعاث زمانا غير لزوم تقدّم البعث الفعلي عليه زمانا.
و بالجملة، لا يمكن الامتثال إلّا بعد العلم، و لذا يجب تحصيل العلم بالواجبات و المحرّمات حتّى يمكنه الامتثال في طرف تحقّق الوجوب و الحرمة، لأنّ في القضايا الحقيقيّة العقل يحكم بوجوب تحصيل العلم بها قبل تحقّق موضوعاتها، أي يجب تحصيل العلم قبل زمان الفعليّة، فنفس احتمال وجود الكبرى- أي القضيّة الشرطيّة- يكفي؛ لوجوب تحصيل العلم بها، و إن لم يتحقّق صغراها، أي شرط وجوبها.
نعم؛ في القضايا الخارجيّة يتأخّر العلم عن الخطاب، و الفرق بينهما ظاهر، و على أيّ حال ما يتوقّف عليه الامتثال و يجب أن يكون مقدّما زمانا هو العلم بالخطاب، و أما تأخّر زمان الامتثال عن زمان الوجوب لا يمكن إلّا إذا أمكن أن يحرّك اليد في زمان و يتحرّك المفتاح في زمان آخر، و العجب من بعض الأعاظم أنّه خالف في ما ذكرنا بالنسبة إلى زمان البعث و زمان الانبعاث [1]، و خالف آخر بالنسبة إلى زمان الشرط و زمان فعليّة المشروط [2].