فهما حاصلان في مرتبة واحدة؛ إذ الرجحانيّة و المرجوحيّة من الامور المتضادّة، فمن المقرّر عدم تقدّم أحد المتضادّين على الآخر [1].
وجه العجب واضح ممّا تقدّم، فإنّه في رفع الدور يرفع التوقّف رأسا؛ لأنّه جعل علّة وجود أحد الضدّين غلبة الداعي إليه، و جعل علّة عدم الآخر مرجوحيّة الداعي إليه، و جعل هاتين العلّتين من المتضايفات و على هذا؛ فكيف يمكن التساوي في الرتبيّة بين علّتي الضدّ الموجود و المعدوم، و التقدّم الرتبي بين الضدّ المعدوم و الموجود؟!
ثمّ إنّ ممّا ذكرنا ظهر فساد سائر الأقوال، أمّا التوقّف من الطرفين فإنّه نسب إلى الحاجبي، و العضدي، لأنّه لا توقّف أصلا، لما عرفت من لزوم الدور، فعلى هذا ظهر جواب الكعبي أيضا [2]، إذ بناء على ما بيّنا لا يتوقّف الترك على الفعل، بل هما من المقارنات أو من المتلازمين.
و على أيّ حال؛ حرمة الشيء لا يقتضي الأمر بضدّه، غاية الأمر لا يمكن أن يكون حكم الضدّين متساويا، هذا مع ما اجيب عنه في محلّه من أنّ الصارف عن الحرام يستند الترك إليه لا إلى فعل ضدّه.
نعم؛ لو توقّف تحقّق الصارف عن الحرام أو إبقائه على فعل من الأفعال لقلنا به- أي بوجوبه- و لكنّه على أيّ حال لا يتّصف بالوجوب الشرعي، لأنّ ترك الحرام ليس واجبا شرعيّا بل يجب عقلا من جهة أنّه امتثال للنهي و إطاعة له فمقدّمته- أي ما يتوقّف عليه هذا الترك- لا يكون واجبا شرعيّا، و ذلك لأنّ