المأتيّ به للواقع كان عن سهو و غفلة، كما لو اعتقد المُسافر وجوب الإتمام عليه، فصلّى و احتمل الإتيان قصراً سهواً أو نسياناً فصادف الواقع، أو اعتقد المسافة دون المسافة، و احتمل الإتيان قصراً سهواً أو نسياناً.
ثانيهما: ما لا يكون كذلك، كما لو اعتقد المُسافر كونه مُخيّراً بين القصر و الإتمام، فصلّى و احتمل الإتيان قصراً من باب الصدفة، أو كان بين يديه مائعان يعتقد كونهما ماءً مُطلقاً، و كان أحدهما المُعيّن مُضافاً، ثمّ بعد الوضوء شكّ في صحّته؛ لأجل الشكّ في وضوئه بالماء صدفة.
إذا عرفت ذلك: فهل الروايات كموثّقة ابن مسلم:
(كلّ ما شككت فيه ممّا قد مضى فأمضه كما هو)
[1] و غيرها بإطلاقها شاملة لجميع الصور المُتقدّمة؟
أو مُنصرفة إلى القسم الأوّل فقط؛ أي ما يكون الترك مُستنداً إلى السهو أو الغفلة مع العلم بالحكم و الموضوع؟
أو مُنصرفة عن القسم الأوّل من قسمي الجهل بالحكم أو الموضوع؛ أي ما كان الإتيان بالواقع مُستنداً إلى السهو و النسيان.
أقول: دعوى الانصراف إلى القسم الأوّل ليست ببعيدة؛ و ذلك لأنَّ ارتكاز العُقلاء بأنَّ الفاعل المُريد لفراغ ذمّته إذا أراد إتيان شيءٍ يأتي بما هو وظيفته في محلّه، و إن لم يصل إلى حدّ تطمئنّ النفس بأنَّ بناءهم على عدم الاعتناء بالشكّ، كما ذكرنا في بعض