إطلاق أدلّة الاستصحاب، و ليس ما يصلح للمانعيّة إلّا امور يمكن دفعها:
منها: أنَّ الحكم الثابت في حقّ جماعة لا يمكن إثباته في حقّ الآخرين لتغاير الموضوع [1].
و أجابوا عنه أوّلًا: بالنقض باستصحاب عدم النسخ في أحكام شريعتنا [2].
و ثانياً: بالحلّ؛ فإنَّ الأحكام ثابتة للعناوين الكلّية على نحو القضايا الحقيقيّة لا للأشخاص على نحو الخارجيّة، فإذا ثبت حكم للمُستطيع أو الغنيّ أو الفقير فلا مانع من استصحاب بقائه عند الشكّ في نسخه؛ فإنَّ موضوع القضيّة المُتيقّنة و المشكوك فيها هو هذه العناوين بنحو القضيّة الحقيقيّة، فتتّحد القضيّة المُتيقّنة و المشكوك فيها [3].
و زاد الشيخ (رحمه اللَّه) أمراً آخر [4] ردّ عليه من بعده [5]، و العمدة هو الجواب الحلّي الذي ارتضاه المُحقّقون، و هو أن يدفع الإشكال المُتقدّم.
لكن هاهنا شبهة اخرى لا يدفعها هذا الجواب، و هي أنَّه من الممكن أن يكون المأخوذ في موضوع الحكم الثابت في الشرائع السابقة عنوان على نحو القضيّة الحقيقيّة، لا ينطبق ذلك العنوان على الموجودين في عصرنا، كما لو اخذ عنوان اليهود و النصارى؛ فإنَّ القضيّة و إن كانت حقيقيّة لكن لا ينطبق عنوان موضوعها على غير مصاديقه.
ففي قوله تعالى: «عَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَ مِنَ الْبَقَرِ وَ الْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما»[6] إلى آخره كانت القضيّة حقيقيّة، لكن إذا شكّ المُسلمون في بقاء