حكمها لهم لا يجري الاستصحاب، كما لو ثبت حكم للفقراء و شكّ الأغنياء في ثبوته لهم لا يمكن إثباته لهم بالاستصحاب، و هذا واضح جدّاً [1].
إن قلت: فكيف يستصحب الحكم الثابت للعصير العنبيّ إذا شكّ في ثبوته للعصير الزبيبيّ، و هل هذا إلّا إسراء حكم من موضوع إلى موضوع آخر؟!
قلت: فرق واضح بين ما ذكرنا و بين مورد النقض؛ لأنَّ كلّ زبيب مسبوق بالعنبيّة بحسب وجوده الخارجيّ، فإذا وجد العنب في الخارج، و ثبت الحكم له، و صار يابساً يجري استصحاب حكمه؛ لأنَّ العنب الخارجيّ إذا يبس لا يرى العرف إلّا بقاءه مع تغيير حال، فالقضيّة المُتيقّنة و المشكوك فيها واحدة فيُستصحب الحكم، و أمّا المُسلمون فلم يكن كلّ واحدٍ منهم مسبوقاً بالتهوّد أو التنصّر خارجاً ثمّ صار مُسلماً، و لو كانوا كذلك لجرى في حقّهم الاستصحاب، كاستصحاب حكم العنب للزبيب.
و ممّا ذكرنا: ظهر الفرق بين استصحاب عدم النسخ في أحكام هذه الشريعة و أحكام الشرائع السابقة.
و لا يخفى: أنَّ مُجرّد احتمال أخذ عنوان غير منطبق على المُسلمين كافٍ في المنع؛ للزوم إحراز وحدة القضيّتين، و لا دافع للاحتمال في حكم من الأحكام المشكوك في نسخها؛ لأنَّ ظواهر الكتب المنسوخة الرائجة بينهم ليست قابلة للتمسّك بها، مع ورود الدس و التغيير عليها، و أصلها الغير المُتغيّر ليس عندهم و لا عندنا حتّى يعلم أنَّ الحكم ثابت للعنوان الكذائي، و القرآن المجيد لم يحك العناوين المأخوذة في موضوعات أحكامهم الكلّية، كما يظهر بالتأمّل فيما جعلوه ثمرة للنزاع تبعاً للمحكيّ عن «تمهيد القواعد» [2].
فتحصّل ممّا ذكرنا: عدم جريان استصحاب أحكام الشرائع السابقة.