أ لا ترى أنَّ الحيوان القابل للتذكية حين حياته يكون طاهراً بلا إشكال، و تجوز الصلاة معه لو فرض حمله بل لبسه، و لا دليل على عدم حلّية أكله من جهة كونه غير مُذكّى، بل الحرمة لو كانت فهي من جهة كونه ممّا لا يؤكل و من الخبائث، مع أنَّ الموت المقرون بالشرائط مسلوب منه.
و من هنا قد يقوى في النظر أنَّ التذكية ليست سبباً للطهارة و حلّية الأكل و جواز الصلاة فيه، بل إنّما هي دافعة لما هو سبب للنجاسة و الحرمة و عدم جواز الصلاة فيه، كما تشهد له الأدلّة المُتفرّقة في أبواب النجاسات [1] و موانع الصلاة [2].
و بالجملة: ليست التذكية سبباً للطهارة و الحلّية و جواز الصلاة، بل عدم التذكية المساوق لكون الحيوان ميتة- أي زهوق الروح بخصوصيّة مغايرة للخصوصيّات المعهودة- سبب لمقابلاتها، فأصالة عدم سبب الطهارة و الحلّية و جواز الصلاة ممّا لا أصل لها.
بل لنا أن نقول: إنَّه على فرض كون تلك الأحكام مجعولة مُسبّبة عن سبب، يمكن إجراء أصالة بقاء جامع السبب المُؤثّر في الطهارة و حلّية الأكل و جواز الصلاة فيه تأمل.
و منهم: بعض أعاظم العصر (رحمه اللَّه) [3]، و قد مرّ في مباحث البراءة كلامه و ما يرد عليه [4].
هذا حال الشبهات الحكميّة من جهة الشكّ في القابليّة، و لا يهمّنا التعرّض لسائر الشبهات الحكميّة؛ لوضوح حكمها غالباً.
[1]- انظر مثلًا: الكافي 3: 398/ 6 و 407/ 16 و 6: 259/ 7، التهذيب 2: 358/ 1483، الوسائل 2: 1050/ 4- باب 34 و 1080/ 2- باب 61 من أبواب النجاسات.
[2]- انظر مثلًا: الكافي 3: 397/ 1 و 3، التهذيب 2: 203/ 797 و 209/ 818، الوسائل 3: 250/ 1 و 251/ 2- باب 2 من أبواب لباس المصلي.