مثلا الشهرة على القول بعدم اعتبارها و الظنّ القياسي إذا كان كلّ واحد منهما معاضدا لأحد الدليلين المتكافئين، فالدليل المعاضد محكوم بالتقديم.
أقول: كون الظنّ مرجّحا إنّما يتصوّر إذا كان الاجتهاد مظنونا و التقليد موهوما، و ليس الأمر فيما نحن فيه بهذه المثابة، بل الاجتهاد محصّل للظنّ و التقليد محصّل للوهم، و لم يدلّ دليل على رجحان محصّل الظنّ على محصّل الوهم؛ فتدبّر.
قال الأستاد: و إن سلّمنا عدم العلم بكون الظنّ مرجّحا، فنقول: إنّ الأخذ بالاجتهاد أخذ بالقدر المتيقّن دون التقليد، لأنّ الظنّ إمّا مرجّح و إمّا ليس بمرجّح، فإن كان الأوّل تعيّن الأخذ بالاجتهاد، و إن كان الثاني فالحكم التخيير بين الاجتهاد و التقليد، فيجوز الاجتهاد على كلا التقديرين، و لا يجوز التقليد على تقدير كون الظنّ مرجّحا، فلا بدّ من الاجتهاد، لكونه قدرا متيقّنا.
أقول: قد عرفت ضعف القول بكون الظنّ مرجّحا فيما نحن فيه؛ و بعد عدم وجدان المرجّح لا بدّ من التخيير، فذلك الشخص مأذون في الاجتهاد و التقليد، و لا يلزم من الإذن في الاجتهاد لا بدّيّة الأخذ به، فالأحسن في مقام الاستدلال على وجوب الاجتهاد في هذه المسألة أن يقال: إنّ الأصل الأوّل المستفاد من الآيات حرمة التقليد، خرج منه تقليد العامي البحت، [و] بقي الباقي و هو تقليد المجتهد المطلق و المتجزّي فيما تصدر على استنباطه تحت الأصل.
مضافا إلى أنّ تقليد المتجزّي في هذه المسألة للمجتهد المطلق مستلزم للدور، لأنّ التقليد متوقّف على جواز التقليد و جواز التقليد متوقّف على التقليد، و لذا تراهم يحكمون بوجوب الاجتهاد على العامي البحت في جواز التقليد، فإنّ التقليد في جواز التقليد مستلزم للدور.
فإن قلت: ذلك المتجزّي قبل الوصول إلى مرتبة التجزّي، كان واجبا عليه التقليد، و بعد وصوله إلى هذه المرتبة شككنا في وجوب التقليد و عدمه، و الأصل بقائه للاستصحاب.