قلت أوّلا: بالنقض، ما تقول فيمن وصل إلى هذه المرتبة في أوّل البلوغ؟
و ثانيا: إنّ ما كان واجبا عليه التقليد قبل هذه المرتبة فيه، هو سائر المسائل لا هذه المسألة، و ذلك بيّن، فتعلّق الوجوب بالتقليد فيها كان مقطوع العدم أوّلا، سلّمنا أنّ تعلّق الوجوب به كان مشكوكا رأسا، فأيّ شيء يستصحب؟ لاشتراط تحقّق اليقين السابق في الاستصحاب.
و ثالثا: سلّمنا تعلّق الوجوب بالتقليد فيها أيضا، و لكن نقول: تغيّر الموضوع الذي تعلّق الوجوب به هو العامي، و ذلك الشخص الآن مجتهد، و مع تغيّر الموضوع كيف يمكن لك الاستصحاب؟ فتأمّل.
الأمر الثالث: في أنّ هذه المسألة، أعني مسألة جواز التجزّي و عدمه، مسألة أصوليّة أو مسألة عقليّة
غير أصوليّة؟ حتّى يكون المستدلّ محتاجا في إثبات مدّعاه إلى إقامة برهان قطعي، أو فرعيّة حتّى يكون إقامة الأدلّة الظنّية كافية في إثبات المطلوب.
مقدّمة: علم الأصول ما يبحث فيه عن عوارض موضوعه، الذي هو الأدلّة على المسائل الفرعيّة، سواء كانت تلك الأدلّة الأدلّة الأربعة المشهورة أو غيرها، و ما اشتهر من أنّ موضوع الأصول هو الأدلّة الأربعة، إنّما هو للنظر إلى أنّ أغلب الأدلّة أحد هذه الأربعة، لا لأنّ الأدلّة منحصرة فيها، كما ذكر في مسألة حجّيّة الظنّ و في تعريف الفقه بناء على حجيّة الظنون المطلقة، و المسائل المبحوثة فيه عنها المسائل الأصوليّة، و ذلك كالبحث عن حجيّة الكتاب و عن حجّيّة الظنون المطلقة و نظائرهما.
و علم الفقه ما يبحث فيه عن عوارض أفعال المكلّفين، كالوجوب و الحرمة و نظائرهما، و المسائل المبحوثة هي المسائل الفرعيّة، و تلك العوارض هي العوارض التي يعرض للأفعال من دون واسطة.
و بعد ما عرفت هذه المقدّمة، فاعلم أنّه لمّا كان للكلام في هذه المسألة مقامات