استدلّ القوم فى لزوم اشتراط الحياة فى المفتى بدليل وقوع الإجماع فى المسألة.
و قد حكى عن المحقّق الثانى فى شرح الالفيّة انّه لا يجوز الأخذ من الميّت مع وجود الحىّ، بلا خلاف بين الإمامية. و حكى مثل ذلك عن الشهيد الثانى فى المسالك ايضا.
و قال صاحب المعالم (قدّه): انّه يظهر اتّفاق العلماء على المنع من الرجوع الى فتوى الميّت، مع وجود المجتهد الحىّ، بل الإجماع فيه صريحا عن بعض الأصحاب.
و قد حكى عن الفوائد للبهبهانى، انّهم اجمعوا على انّ الفقيه لو مات، لا يكون قوله حجّة. و اشتهر بين اصحابنا المتأخّرين و المعاصرين، ايضا تحقّق الإجماع فى المسألة. فلا يجوز تقليد الميّت ابتداء. بل كاد ان يكون ذلك امرا قطعيّا عندهم، بحيث يكون هو المعتمد للقول بعدم الجواز.
الجواب عن وجود الإجماع:
و لا يخفى عليك انّ ظاهر الاضراب فى كلام صاحب المعالم، وجود الفرق بين اجماع الأصحاب، و بين اتّفاقهم فالإجماع يكون دليلا تعبّديا يجب متابعته دائما.
بخلاف الاتّفاق فانّه ليس من هذا الحدّ، و لا يكون من الأدلّة، فلا بأس بمخالفته عند مساعدة الدليل.
و يحتمل انّه قد يقع الالتباس بين الإجماع و الاتّفاق عندهم فلا تغفل.
لانّ المسألة الإجماعيّة تجب ان تكون محلّا للبحث بين الأصحاب و موردا للانظار مدى زمن التفقّه فى الدّين.
فاذا لم تكن المسألة كذلك بين الأصحاب فلا سبيل الى تحصيل الإجماع فيها.
و لعلّ البحث عن تقليد الميّت من هذا القبيل، فكيف يمكن دعوى الإجماع مع انّ القوم اضطرب كلماتهم فيها.