و امّا التّقليد بحسب دليل العقل و حكمه، فالأصل الأوّلى فى حكم العقل، هو انّ العقل يرى و يحكم بانّ الاتباع بحكم الغير و اتّباع امره و نهيه، قبيح جدّا، و يذمّ و يخطّئ من يميل الى اليمين و الشمال مع كل ريح.
اذ الإنسان اجلّ شأنا، و اشرف مقاما من ان يكون مثل الاشجار الفاقدة للعقل و الإرادة، فاتّباع الأعمى غير مستحسن عند الجميع.
فالإنسان مستقلّ بحسب عقله و ارادته غير مقلّد بحسب الأصل الاولى العقلى.
الأصل الثانوى:
و امّا اذا كان لتقليد الإنسان من غيره جهة عقلائيّة، فيخرج عن كونه مذموما عند العقلاء.
لانّ الجهة المرجّحة تخرجه عن دائرة الذمّ و انّه كالأعمى فى الاتّباع، و تدخله فى دائرة المدح و الحسن.
و يرشدك الى هذا المعنى، سيرة العقلاء فى جميع امورهم مر الدهور الماضية، فانّهم عند جهلهم بشىء يسألون و يتّبعون من العارف به.
كما هو دأبهم فى تحصيل المعرفة. بقيم الأشياء النفيسة، او صحّة الاشياء و سقمها،