و على كلا التقديرين، يدلّ الكلام على عدم اشتراط الاجتناب عن الصغائر فى ثبوت العدالة، فيكون الملاك فى ثبوت العدالة هو الاجتناب عن الكبائر، و الصغائر من الذنوب تكون مكفّرة، فلا صغيرة مع الإصرار، او تكون على حسب اقتضائها مستقلّة من غير تداخل بينها و بين الكبائر.
الاستدلال باطلاق الصحيحة:
و يمكن الاستدلال على عدم دخول الاجتناب عن الصغيرة فى ثبوت العدالة، باطلاق قوله (ع) فى صحيحة حريز.
قال (ع): اذا كانوا أربعة من المسلمين ليس يعرفون بشهادة الزور اجيزت شهادتهم.
فإنّ شهادة الزّور فى النص من باب المثال، فهى كناية عن مطلق الكبائر.
الاستدلال برواية امير المؤمنين:
و مثله ما عن امير المؤمنين (عليه السلام)، قال انّ المسلمين عدول، بعضهم على بعض، إلّا مجلودا فى حدّ لم يتب منه، او معروفا بشهادة الزور، او ظنينا.
خبر علاء و خبر علقمة:
و امّا خبر علاء بن سيّابة، قال سألت أبا عبد اللّه (ع) عن شهادة من يلعب بالحمام، قال (ع): لا بأس اذا كان لا يعرف بفسق. و كذا خبر علقمة، قال (ع): فمن لم تره بعينك يرتكب ذنبا، او لم يشهد عليه شاهدان فهو من اهل الستر و العدالة.
فلا سبيل لهما للمعارضة، لضعف السند فيهما، و لضعف دلالتهما، من جهة الشّك فى اطلاق الفسق و الذنب، بحيث يعمّ الصغيرة، فانّهما واردان موردا آخر، فلا نظر لهما من هذه الجهة