نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 2 صفحه : 1393
حيّز آخر فلا يكون سكونا و لا حركة، فذهب أبو الهذيل إلى بطلان الحصر
و التزام الواسطة.
و قال أبو هاشم و أتباعه إنّ الكون في أوّل الحدوث سكون لأنّ الكون
الثاني في ذلك الحيّز سكون و هما متماثلان لأنّ كلا منهما يوجب اختصاص الجوهر بذلك
الحيّز و هو أخصّ صفاتهما، فإذا كان أحدهما سكونا كان الآخر كذلك، فهؤلاء لم
يعتبروا في السكون اللّبث و المسبوقية بكون فيلزم تركّب الحركات من السكنات إذ ليس
فيها إلّا الأكوان الأول في الأحياز المتعاقبة. ثم منهم من التزم ذلك و قال الحركة
مجموع سكنات في تلك الأحياز، و لا يرد أنّ الحركة ضد السكون فكيف تكون مركّبة منه،
لأنّ الحركة من الحيّز ضد السكون فيه، و أمّا الحركة إلى الحيّز فلا ينافي السكون
فيه فإنّها نفس الكون الأول فيه و الكون الأول مماثل للكون الثاني فيه و أنّه سكون
باتفاق فكذا الكون الأوّل، و يلزمهم أن يكون الكون الثاني حركة لأنّه مثل الكون
الأول و هو حركة إلّا أن يعتبر في الحركة أن لا تكون مسبوقة بالحصول في ذلك الحيّز
لا أن تكون مسبوقة بالحصول في حيّز آخر، و حينئذ لا تكون الحركة مجموع سكنات. و
النزاع في أنّ الكون في أول زمان الحدوث سكون أو ليس بسكون لفظي، فإنّه إن فسّر
الكون بالحصول في المكان مطلقا كان ذلك الكون سكونا و لزم تركّب الحركة من السكنات
لأنّها مركّبة من الأكوان الأول في الأحياز، و إن فسّر بالكون المسبوق بكون آخر في
ذلك الحيّز لم يكن ذلك الكون سكونا و لا حركة بل واسطة بينهما و لم يلزم أيضا
تركّب الحركة من السكنات. فإنّ الكون الأول في المكان الثاني أعني الدخول فيه هو
عين الخروج من المكان الأول، و لا شكّ أنّ الخروج عن الأول حركة فكذا الدخول فيه.
أمّا الأول و هو أن يعتبر حصول الجوهر في الحيّز بالنسبة إلى جوهر
آخر، فإن كان بحيث يمكن أن يتخلّل بينه و بين ذلك الآخر جوهر ثالث فهو الافتراق و
إلّا فهو الاجتماع. و إنّما قلنا إمكان التخلّل دون وقوعه لجواز أن يكون بينهما
خلاء عند المتكلّمين، فالاجتماع واحد أي لا يتصوّر إلّا على وجه واحد و هو أن لا
يمكن تخلّل ثالث بينهما، و الافتراق مختلف، فمنه قرب و منه بعد. و أيضا ينقسم
الكون إلى ثلاثة أقسام لأنّ مبدأ الكون إن كان خارجا عن ذات الكائن فهو قسري و
إلّا فإن كان مقارنا للقصد فهو إرادي و إلّا فهو طبيعي، كذا في شرح التجريد.
فائدة:
فيما اختلف في كونه متحرّكا و ذلك في صورتين. الأولى إذا تحرّك جسم
فاتفقوا على حركة الجواهر الظاهرة منه و اختلفوا في الجواهر المتوسّطة. فقيل
متحرّك و قيل لا. و كذلك اختلف في المستقر في السفينة المتحرّكة فقيل ليس بمتحرّك
و قيل متحرك، و هو نزاع لفظي يعود إلى تفسير الحيّز. فإن فسّر بالبعد المفروض كان
المستقر في السفينة المتحرّكة متحرّكا، و كذا الجوهر المتوسّط لخروج كلّ منهما
حينئذ من حيّز إلى حيّز آخر لأنّ حيّز كلّ منهما بعض من الحيّز للكلّ و إن فسّر
بالجواهر المحيطة لم يكن الجوهر الوسطاني مفارقا لحيّزه أصلا. و أمّا المستقر
المذكور فإنّه يفارق بعضا من الجواهر المحيطة به دون بعض و إن فسّر بما اعتمد عليه
ثقل الجوهر كما هو المتعارف عند العامة لم يكن المستقر مفارقا لمكانه أصلا.
و الثانية قال الأستاذ أبو اسحاق إذا كان الجوهر مستقرا في مكانه و
تحرّك عليه جوهر آخر من جهة إلى جهة بحيث تبدّل المحاذاة بينهما فالمستقر في مكانه
متحرّك، و يلزم على هذا ما إذا تحرّك عليه جوهران كلّ منهما إلى جهة مخالفة لجهة
الآخر فيجب أن يكون الجوهر
نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 2 صفحه : 1393