نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 2 صفحه : 1064
المرض. فالنزاع لفظي بين الشيخ و جالينوس منشأه اختلاف تفسيري الصّحة
و المرض عندهما. و معنوي بينه و بين من ظنّ أنّ بينهما واسطة في نفس الأمر و منشأه
نسيان الشرائط التي تنبغي أن تراعى فيما له وسط ما ليس له وسط. و تلك الشرائط أن
يفرض الموضوع واحدا بعينه في زمان واحد و تكون الجهة و الاعتبار واحدة، و حينئذ
جاز أن يخلو الموضوع عنهما كأنّ هناك واسطة و إلّا فلا، فإذا فرض إنسان واحد و
اعتبر منه عضو واحد في زمان واحد، فلا بدّ إمّا أن يكون معتدل.
المزاج و إمّا أن لا يكون كذلك فلا واسطة، هكذا يستفاد من شرح حكمة
العين و شرح المواقف.
و عند الصرفيين كون اللفظ بحيث لا يكون شيء من حروفه الأصلية حرف
علّة و لا همزة و لا حرف تضعيف، و ذلك اللفظ يسمّى صحيحا. هذا هو المشهور، فالمعتل
و المضاعف و المهموز ليس واحد منها صحيحا.
و قيل الصحة مقابلة للإعلال. فالصحيح ما ليس بمعتلّ فيشتمل المهموز و
المضاعف و سيأتي في لفظ البناء أيضا. و السّالم قيل مرادف للصحيح.
و قيل أخصّ منه و قد سبق. و عند النحاة كون اللفظ بحيث لا يكون في
آخره حرف علّة. قال في الفوائد الضيائية في بحث الإضافة إلى ياء المتكلم: الصحيح
في عرف النحاة ما ليس في آخره حرف علّة، كما قال قائل منهم شعرا ملمعا: أ تدري ما
الصحيح عند النحاة [1]. ما لا يكون آخره حرف علة. و الملحق
بالصحيح ما في آخره واو أو ياء ما قبلها ساكن. و إنّما كان ملحقا به لأنّ حرف
العلة بعد السكون لا تثقل عليها الحركة انتهى. فعلى هذا المضاعف و المهموز و
المثال و الأجوف كلها صحيحة.
و عند المتكلمين و الفقهاء فهي تستعمل تارة في العبادات و تارة في
المعاملات. أمّا في العبادات فعند المتكلمين كون الفعل موافقا لأمر الشارع سواء
سقط به القضاء به أو لا. و عند الفقهاء كون الفعل مسقطا للقضاء. و ثمرة الخلاف
تظهر فيمن صلى على ظنّ أنّه متطهّر فبان خلافه، فهي صحيحة عند المتكلمين لموافقة
الأمر على ظنّه المعتبر شرعا بقدر وسعه، لا عند الفقهاء لعدم سقوط القضاء به.
و يرد على تعريف الطائفتين صحة النوافل إذ ليس فيها موافقة الأمر
لعدم الأمر فيها على قول الجمهور، و لا سقوط القضاء. و يرد على تعريف الفقهاء أنّ
الصلاة المستجمعة لشرائطها و أركانها صحيحة و لم يسقط به القضاء، فإنّ السقوط مبني
على الرفع و لم يجب القضاء، فكيف يسقط؟ و أجيب عن هذا بأنّ المراد [2] من سقوط القضاء رفع وجوبه؛ ثم في
الحقيقة لا خلاف بين الفريقين في الحكم لأنّهم اتفقوا على أنّ المكلّف موافق لأمر
الشارع فإنّه مثاب على الفعل، و أنّه لا يجب عليه القضاء إذا لم يطلع على الحدث و
أنّه يجب عليه القضاء إذا اطلع.
و إنّما الخلاف في وضع لفظ الصحة. و أمّا في المعاملات فعند الفريقين
كون الفعل بحيث يترتّب عليه الأثر المطلوب منه شرعا مثل ترتّب الملك على البيع و
البينونة على الطلاق، لا كحصول الانتفاع في البيع حتى يرد أنّ مثل حصول الانتفاع
من البيع قد يترتّب على الفاسد و قد يتخلّف عن الصحيح، إذ مثل هذا ليس مما يترتّب عليه
و يطلب منه شرعا. و لا يردّ البيع بشرط فإنّه صحيح مع عدم ترتّب الثمرة عليه في
الحال أنّ الأصل في البيع الصحيح ترتّب ثمرته عليه، و هاهنا إنّما لم يترتّب لمانع
و هو عارض.