نام کتاب : الألفاظ المستعملة في المنطق نویسنده : الفارابي، أبو نصر جلد : 1 صفحه : 103
(57) فالقياس إذن هو أمر ما مركَّب و له أجزاء عنها يتركّب [1]. و كثير من المركّبات التي لها أجزاء
لأجزائها أيضا أجزاء، و المقاييس بهذه الحال- أعني أنّ لها أجزاء و لأجزائها أجزاء
أيضا. فأجزاء أجزائها تسمّى الأجزاء الصغرى، و أجزاؤها أنفسها تسمّى الأجزاء
العظمى. و الحال في ذلك كالحال في البيت، فإنّه مركّب و له أجزاء و هي الحيطان و
السقوف، و للحائط أجزاء و هي اللبن و الطين، و للسقوف أجزاء و هي القصب/ و الخشب،
و اللبن هو جزء جزء البيت، و الحائط هو جزء البيت. فأجزاء المقاييس العظمى تسمّى
المقدّمات. و أجزاء المقدّمات- و هي أجزاء أجزاء القياس و أجزاء [2] المقاييس الصغرى- هي المعقولات
المفردة، و هي المعاني التي تدلّ عليها الألفاظ المفردة، مثل قولنا إنسان، فرس،
ثور، حمار، بياض، سواد، و ما أشبه ذلك، فإنّ المعاني التي تدلّ عليها هذه الألفاظ
و ما أشبهها تسمّى المعقولات المفردة. و إذا تركّبت المعقولات المفردة حدثت
مقدّمات، و هي معقولات ما مركّبة، و هي من جزءين مفردين. و هذه المعقولات
المركّبة- و هي المقدّمات- هي التي تدلّ عليها الألفاظ المركّبة التي أحد جزئي
المركّب منها مسند و الآخر مسند إليه. و إذا تركّبت المقدّمات بعضها إلى بعض و
رتّبت ترتيبا حدثت عنها المقاييس. و لمّا كانت الأمور العامّيّة [3] التي تسوق الذهن إلى الانقياد المطلق
تتقدّم معرفتها معرفة أصناف تلك الأمور، لزم أن تكون المقاييس على الإطلاق تتقدّم
معرفة أنواع المقاييس و أصناف الأمور التي تضاف إلى أنواع المقاييس. و لمّا كانت
الأشياء المركّبة يلزم منها ضرورة متى قصدنا إلى معرفتها أن تتقدّم لنا المعرفة
بالأشياء التي عنها تركّبت، و كانت المقاييس مركّبة عن مقدّمات، لزم ضرورة إن كان
قصدنا معرفة أمور المقاييس أن نتقدّم فنعرف قبل ذلك أمور المقدّمات. و لمّا كانت
المقدّمات أيضا مركّبة عن المعقولات المفردة، لزم ضرورة أن تتقدّم لنا معرفة أمر/
المعقولات المفردة. و لمّا كانت هذه لا تنقسم إلى معقولات أخر، لم يمكن أن