responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسالة في النفس و بقائها و معادها نویسنده : ابن سينا    جلد : 1  صفحه : 197

و التزكية العملية بالطرق المذكورة فى كتب الأخلاق، و بالمواظبة على الوظائف الشرعية و السنن الملية من العبادات البدنية و المالية و المركبة منها، فإن [فى‌] الوقوف عند مرضيات الشرع و حدوده، و الإقدام على امتثال أوامره أثرا نافعا فى تطويع النفس الأمارة بالسوء للنفس الناطقة المطمئنة، أعنى تسخير القوى البدنية الشهوانية منها و الغضبية للنفس الناطقة المطمئنة.

و قد تبين فى العلوم الطبيعية أن الأخلاق و العادات تابعة لمزاج البدن، حتى إنّ من استولى البلغم على مزاجه استولى عليه السكون و الوقار و الحلم، و من استولت الصفراء على مزاجه استولى عليه الغضب، و من استولت عليه السوداء استولى عليه سوء الخلق؛ و يتبع كل واحد منها أخلاق أخر لا نذكرها هنا. فلا شك أن المزاج قابل للتبديل، فتكون الأخلاق أيضا قابلة للتبديل بواسطة تبديل المزاج، فتعين على ذلك استعمال الرياضة المذكورة فى كتب الأخلاق. فمهما اعتدل مزاج الإنسان تهذبت أخلاقه بسهولة، فالاعتدال مزاجه أثر فى ذلك. و المزاج الخارج عن الاعتدال ما تكون إحدى كيفياته الأربعة أو اثنتان منها غالبة عليه، مثلا أن يكون أحر مما ينبغى أو أيبس مما ينبغى. و هذه الكيفيات الأربعة متضادة، فالمزاج الخارج عن الاعتدال يكون مشتملا إما على ضد أو على ضدين، أى ليس فيه حرارة و لا برودة بل كيفية متوسطة بينهما. و كلما كان المزاج أقرب إلى الاعتدال كان الشخص أكثر استعدادا لقبول الملكات الفاضلة العلمية و العملية.

و قد تبين فى العلوم [الطبيعية] أن الأجرام العلوية ليست من امتزاج هذه العناصر الأربعة، و هى عادمة هذه الأضداد بالكلية، و كان المانع عن قبول الفيض الإلهي- و أعنى به الإلهام الربانى الّذي يقع دفعة فيكشف به حقيقة من الحقائق العقلية- إنما هو ملابسة هذه الأضداد. فلذلك كلما يكون المزاج أقرب إلى الاعتدال كان الشخص أكثر استعدادا لقبول هذا الفيض. و إذا كانت الأجرام العلوية عرية عن الأضداد بالكلية

نام کتاب : رسالة في النفس و بقائها و معادها نویسنده : ابن سينا    جلد : 1  صفحه : 197
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست