نام کتاب : رسائل ابن سينا نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 133
بحسبه و إن الفراسة لتدل منك على عفو من الخلائق و منتقش من الطين و
موات من الطبائع [1] و إذا مستك
[2] يد الإصلاح أتقنتك، و إن خرطك العار في سلك الذلة انخرطت و حولك
هؤلاء الذين لا يبرحون [3]
عنك إنهم لرفقة سوء و لن تكاد تسلم عنهم و سيفتنونك أو تكتنفك عصمة وافرة و أما هذا
الذي أمامك فباهت مهذار يلفق [4] الباطل تلفيقا و يختلق الزور اختلاقا و يأتيك بأنباء ما لم تزوده قد
درن [5] حقها بالباطل و ضرب صدقها بالكذب على
أنه هو عينك و طليعك و من سبيله أن يأتيك بخبر ما غرب عن جنابك و عزب من مقامك و
إنك لمبتلى بانتقاد حق ذلك من باطله و التقاط صدقه من زوره و استخلاص صوابه من
غواشى خطئه، إذ لا بد لك منه فربما أخذ التوفيق بيدك و رفعك عن محيط الضلالة و
ربما أوقفك التحير و ربما غرك شاهد الزور و هذا الذي عن يمينك [6] أهوج، إذا انزعج هائجه لم يقمعه النصح
و لم يطأطئه الرفق كأنه نار فى حطب، أو سيل فى صبب أو قرم مغتلم أو سبع ثائر و هذا
الذي عن يسارك فقذر [7]
شره قرم شبق لا يملأ بطنه إلا التراب، و لا يسد غرثه إلا الرغام، لعقة لحسة طعمة
حرصة كأنه خنزير أجيع ثم أرسل فى الجلة و لقد ألصقت يا مسكين بهؤلاء إلصاقا لا
يبريك عنهم إلا غربة تأخذك إلى بلاد لم يطأها أمثالهم
[8] و إذ لات حين تلك الغربة و لا محيص لك عنهم فلتطلهم يدك و ليغلبهم
سلطانك، و إياك أن تقبضهم زمامك أو تسهل لهم قيادك بل استظهر عليهم بحسن الإيالة و
سمهم
[1] أشار بذلك إلى ما يحصل للإنسان بقوة علم الفراسة الذي يريد به
علم المنطق من تمييز بين الصدق و الكذب و الحق و الباطل. و إلى ما جبل عليه
الإنسان من استعداد للعلوم و المعارف.
[2] «و إذا مستك يد إلخ» أشار به إلى أنه مع ذلك مستعد للرذائل و
أنه يصير إلى الفضائل أو الرذائل بمقتضى الدواعى من العادات و الأفعال.
[3] أشار به إلى القوى البدنية التي لا تفارق القوة العقلية.
[4] أشار به إلى قوة التخيل، و أشار بقوله «يلفق الباطل» إلى أن
من طبيعة هذه القوة أنها دائما تحاول أن تشبه الشىء بالشيء من دون أن تكون علاقة
قوية بينهما.