نام کتاب : رسائل ابن سينا نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 132
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم و ما توفيقى إلا بالله و إليه أنيب «و بعد
فإن إصراركم معشر إخوانى على اقتضاء شرح قصة حي بن يقظان هزم لجاجى فى الامتناع و
حل عقد عزمى فى المماطلة و الدفاع فانقدت لمساعدتكم- و بالله التوفيق».
إنه قد تيسرت لى حين مقامى [1] ببلادى (برزة)، برفقائى إلى بعض المتنزهات
[2] المكتنفة لتلك البقعة فبينا نحن نتطاوف إذ عنّ لنا شيخ بهى قد أوغل
فى السن و أخنت عليه السنون و هو فى طراءة العز
[3] لم يهن منه عظم و لا تضعضع له ركن و ما عليه من المشيب إلا رواء من
يشيب- فنزعت إلى مخاطبته و انبعثت من ذات نفسى لمداخلته و مجاورته [4]، فملت
[5] برفقائى إليه فلما دنونا منه بدأنا هو بالتحية و السلام و افتر عن
لهجة مقبولة و تنازعنا الحديث حتى أفضى بنا إلى مساءلته عن كنه أحواله و استعلامه
سنه و صناعته بل اسمه و نسبه و بلده فقال أما اسمى و نسبى فحيّ بن يقظان و أما
بلدى فمدينة بيت المقدس و أما حرفتى فالسياحة فى أقطار العوالم حتى أحطت بها خبرا
و وجهى إلى أبى و هو حي و قد عطوت منه مفاتيح العلوم كلها فهدانى الطريق السالكة
إلى نواحى العالم حتى زويت بسياحتى آفاق الأقاليم، فما زلنا نطارحه المسائل فى
العلوم و نستفهمه غوامضها حتى تخلصنا إلى علم الفراسة فرأيت من إصابته فيه ما قضيت
له آخر العجب و ذلك أنه ابتدأ لما انتهينا إلى خبرها فقال: «إن علم الفراسة لمن
العلوم التي تنقد عائدتها فقدا فيعلن ما يسره كل من سجيته فيكون تبسطك إليه و
تقلصك عنه
[1] حين مقامى بتلك البقعة، أى وقت إقامتى، و بلاده هى بدنه و
أعضاؤه التي هى محل فواه و يريد ببرزة النهضة و التيقظ إلى أن وراء حياة البدن و
الأعضاء حياة روحية أخرى.
[2] المتنزهات: هى الأمور البعيدة عن الأحوال التي كان فيها من
قبل، و يريد بها المعقولات.
[3] أى لم يغيره الزمن بل حاله ثابت دائم لا يتغير كما يتغير
الجسم.
[4] يلاحظ القارئ أن تعبيراته تعبيرات أعجمية غامضة لا كما هو
الشأن عند ابن طفيل و مقاصد أى بواعث.
[5] أى عرفت المناسبة التي بين العقل و بين الغرائز.
نام کتاب : رسائل ابن سينا نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 132