نام کتاب : رسائل ابن سينا نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 134
سوم الاعتدال فإنك إن متنت لهم سخرتهم و لم يسخروك، و ركبتهم و لم
يركبوك و من توافق حيلك فيهم أن تتسلط بهذا الشكس الزعر على هذا الأرعن النهم
تزبره زبرا فتكسره كسرا و أن تستدرج غلواء هذا التائه العسر بخلابة هذا الأرعن
الملق فتخفضه خفضا، و أما هذا المموه [1] المتحرص فلا تحتج إليه أو يأتيك موثقا من اللّه غليظا فهنالك صدقه
تصديقا و لا تحجم عن إصاخة إليه لما ينهيه إليك و إن خلط فإنك لن تعدم من أنبائه
ما هو جدير باستثباته و تحققه به، فلما وصف لى هؤلاء الرفقة وجدت قبولى مبادرا إلى
تصديق ما قرفهم به فلما استأنفت فى امتحانهم طريقة المعتبر صحح المختبر منهم الخبر
عنهم، و أنا فى مزاولتهم و مقاساتهم فتارة لى اليد عليها و تارة لها على و اللّه
تعالى المستعان على حسن مجاورته هذه الرفقة إلى حين الفرقة- ثم إنى استهديت [2] هذا الشيخ سبيل السياحة استهداء حريص
عليها مشوق إليها فقال إنك و من هو بسبيلك من مثل سياحتى لمصدود و سبيله عليك و
عليه لمسدود [3] أو يسعدك التفرد و له موعد مضروب لن
تسبقه فاقنع بسياحة مدخولة بإقامة تسيح حينا و تخالط هؤلاء حينا فمتى تجردت
للسياحة بكنه نشاطك وافقتك و قطعتهم و إذا حننت نحوهم انقلبت إليهم و قطعتنى حتى
يأتى لك أن تتولى براءتك منهم، فرجع بنا الحديث إلى مساءلته عن إقليم إقليم مما
أحاط بعلمه و وقف عليه خبره فقال لى إن حدود الأرض ثلاثة- حد يحده الخافقان [4] و قد أدرك كنهه و ترامت به الأخبار
الجلية المتواترة و الغريبة يجل ما يحتوى عليه وحدان
[5] غريبان- حد المغرب و حد قبل المشرق و لكل واحد منهما صقع قد ضرب
بينهما و بين عالم البشر حد محجور لن يعدوه
[6] إلا
[1] أشار به إلى الطريق الذي يجب أن يسلك فى تدبير القوة المتخلية
للوصول إلى السلامة و ذلك كأن لا يثق بها كل الثقة، و يميز صدقها من كذبها، و
باطلها من حقها.
[2] استهديت، أى لما وجدت العقل على هذا الكمال، و أنه منبع
العلوم و المعارف، حرصت على سلوك سبيله، و اقتباس العلم منه، ففزعت إليه ليهدينى
السبيل السوى.
[3] أراد استحالة التعقل الخالص من شوب التخيل و الحس، و لا يزال
هذا دأبه و ديدنه إلى أن يدركه الموت. و تفارق النفس البدن.
[4] «حد يحده الخافقان» هو عالم المركبات المحسوسة فى عالمى الأرض
و السماء، و هى التي يحيط بها الخافقان.
[5] وحدان الحدان هما الهيولى و الصورة. فالتى وراء المغرب
الهيولى، و التي من قبل المشرق الصورة.
[6] أى لكل من الهيولى و الصورة كنه و حقيقة قد ضرب بينهما و بين
عالم البشر بسور.
نام کتاب : رسائل ابن سينا نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 134