قال- أيّده اللّه-: لمّا كان وجود النبي لا يتكرّر في كلّ وقت وجب أن
يدبّر النبي لبقاء سنته و شريعته تدبيرا. و لا شكّ أنّ سنته و شريعته مبنية على
معرفة الصانع المثيب المعاقب، وجب اشتمال تلك السنن و الشريعة على العبادات
المذكّرة للمعبود و المعاد. و يجب أن تكون تلك العبادات مقرونة بما يذكر اللّه
تعالى و المعاد، و إلّا لم تكن فيها [1] فائدة، و يجب أن تكون تلك العبادات متكرّرة ليستحفظ التذكير
بالتكرير.
و ذلك التذكير لا يكون إلّا بألفاظ
[2] يقال أو نيّات ينوي في الخيال.
و بالجملة يجب أن يكون ذلك التذكير بمنبّهات، و المنبّهات [1]: إمّا
حركات، [2]: و إمّا عدم حركات.
و أمّا الحركات: فمثل الصلاة، فإنّها وجبت في اليوم و الليلة خمس
مرّات، ليحصل للمصلّي تذكّر المعبود، و لا محالة خمس مرات. و ذلك التكرير سبب
لاستحكام التذكير الموجب لاستمرار السنن الداعية إلى العدل الذي هو سبب بقاء النوع
الإنساني.
و أمّا أعدام الحركات: فمثل الصوم، فإنّه و إن كان أمرا عدميا فإنّه
ينبّه صاحبه على أنّه ليس مسترسلا مهملا.
و يجب أن يخلط بهذه الأحوال أمورا يشتمل على المنافع الدنياوية،
كالحج و الجهاد، فإنّها تعيّن في التذكير منفعة عظيمة. و الموضع الذي