المقدّمة الأولى: إنّ من المعلوم أنّ الإنسان يمتاز عن سائر الحيوانات
بأنّه لا يحسن معيشته لو انفرد وحده؛ لأنّ غذاء الإنسان و مسكنه و ملبسه صناعي لا
طبيعي، و الشخص الواحد لا يمكنه أن يقوم بإصلاح تلك الأمور الكثيرة، بل لا بدّ و
أن يكون أناس آخرون ليعين كلّ واحد منهم صاحبه، حتّى أنّ هذا يزرع لذلك و ذلك
يهيّئ آلات الزراعة، و هذا يخبز لذلك و ذلك يطحن لهذا، حتّى إذا اجتمعوا كان أمرهم
مكفيا، و لهذا صار الإنسان مدنيا بالطبع، حتّى أن الجميع الذين يكونون في الصحراء
إن كانوا مجتمعين لا يشبه أخلاقهم أخلاق الناس الكاملين؛ فثبت أنّه لا بدّ في وجود
الإنسان و بقائه من مشاركة و اجتماع.
المقدّمة الثانية: لا شكّ أنّه لا تتمّ المشاركة و لا يكمل الاجتماع
إلّا بمعاملات تجري بينهم.
المقدّمة الثالثة: لا بدّ في تلك المعاملة من سنّة و عدل.
المقدّمة الرابعة: لا بدّ لتلك السنة و العدل من سانّ و معدل.
المقدّمة الخامسة: إنّه يجب أن يكون ذلك السانّ يشاقه الناس و يرشدهم
إلى السنة.
المقدّمة السادسة: و أنّه يجب أن يكون إنسانا.
المقدّمة السابعة: يجب أن يكون هذا الإنسان مخصوصا بمعجزات و خوارق
عادات ينقاد له الناس.