السماوية، فتشاهد جميع ما قيل فيها
[1] في الدنيا من أحوال القبر و البعث و الخيرات الأخروية. و تكون
الأنفس الرديئة أيضا تشاهد العقاب المصوّر لهم في الدنيا و تقاسيه.
فإنّ الصورة الخيالية ليست تضعف عن الحسية، بل تزداد عليها تأثيرا
و صفاء، كما تشاهد ذلك في المنام. فربّما كان المحكوم به أعظم شأنا في بابه من
المحسوس، على أن الأخرى أشدّ استقرارا من الموجود في المنام بحسب قلة العوائق و
تجرّد النفس و صفاء القابل.
و ليست الصورة الّتي ترى في المنام، بل
[2] و الّتي تحسّ في اليقظة كما علمت إلّا المرتسمة في النفس، إلّا
أنّ إحداهما تبتدئ من باطن و تنحدر إليها، و الثانية
[3] تبتدئ من خارج و ترتفع إليه
[4]؛ فإذا ارتسمت في النفس تمّ
[5] هناك الإدراك المشاهد [6].
و إنّما يلذّ و يؤذي بالحقيقة هذا المرتسم في النفس لا الموجود من
خارج، فكلّ ما ارتسم في النفس فعل فعله و إن لم يكن سبب من خارج؛ فإنّ السبب
الذاتي هو هذا المرتسم، و الخارج سبب بالعرض خارج؛ فإنّ السبب الذاتي هو هذا
المرتسم، و الخارج سبب بالعرض أو سبب السبب.
فهذه هي السعادة و الشقاوة و الخسيستان و اللتان بالقياس إلى
الأنفس الخسيسة.