و أمّا الأمور الوجودية الّتي يقال إنّها شرور فهي كالحرارة المفرّقة [1] للاتصال
[2].
و بالجملة الشرّ بالذات عدم واجبات الشيء في وجوده و عدم منافعه
القريبة من الواجب، مثل عدم الحياة و عدم البصر، و هما من حيث هما كذلك شرّان، ليس
لهما اعتبار آخر ليكونا [3]
بهما [4] شرّين.
و أمّا عدم الفضائل الّتي لا تحتاج إليها حاجة قريبة من الضرورة فليس
بشرّ، مثل عدم العلم بالفلسفة.
و أمّا الأمور الوجودية فإنّها ليست شرورا بالذات، بل بالعرض من حيث
إنّها متضمّنة لعدم أمور واجبة أو نافعة.
و الدليل عليه هو: أنّ كلّ فعل يقال إنّه شرّ، فإنّه بالنسبة إلى
الفاعل كمال و بالقياس إلى شيء آخر شرّ، مثل الظلم، فإنّها بالنسبة إلى القوّة
الغضبية كمال- لأنّ فائدة خلقتها الغلبة، فهذا الفعل بالقياس إليها خير، لأنّها إن
ضعفت عنه كان شرّا بالقياس إليها، و كونه شرّا بالنسبة إلى
[5] المظلوم أو بالنسبة إلى النفس الناطقة، فإنّ كمالها الاستيلاء على
هذه القوّة؛ و كذا النار، فإنّ إحراقها [6] كمالها فهو خير/ 46DA / لكنّها شرّ بالقياس إلى من زالت سلامته
بسببها. فثبت أن الأمور الوجودية ليست شرورا بالذات، بل بالعرض.