فيقال فحينئذ لم تكن هي هي، إذ قلنا: إنّ وجودها الوجود الذي
يستحيل أن يكون بحيث لا يعرض عنها شرّ، فإذا صارت
[1] بحيث لا يعرض عنها [شرّ] فلا يكون وجودها الوجود الذي لها، بل
يكون وجود أشياء أخرى وجدت و هي غيرها، و هي حاصلة، أعنى ما خلق بحيث لا يلزمه شرّ
لزوما أوّليا [2].
و مثال هذا إنّ النار إذا كان وجودها أن تكون محرقة، و كان وجود
المحرق هو أنّه إذا مسّ ثوب الفقير [3] أحرقه، إذ كان وجود ثوب الفقير
[4] أنّه قابل للاحتراق. و كان وجود كلّ واحد منها أن تعرض له حركات
شتّى، و كان وجود الحركات الشتّى [5] في الأشياء على هذه الصفة وجود ما يعرض
[6] له الالتقاء، و كان وجود الالتقاء بين
[7] الفاعل و المنفعل بالطبع وجودا يلزمه الفعل و الانفعال. فإن لم
تكن الثواني لم تكن الأوائل. فالكلّ إنّما رتّبت فيه
[8] القوى الفعالة و المنفعلة السماوية و الأرضية الطبيعية و
النفسانية بحيث يؤدّي إلى النظام الكلي، مع استحالة أن تكون هي على ما هي عليه، و
لا تؤدّي إلى شرور.
فيلزم من أحوال العالم بعضها بالقياس إلى بعض أن تحدث في