فإن قال قائل: فقد [1] كان جائزا أن يوجد المدبّر الأوّل خيرا محضا مبرءا عن الشرّ.
[الجواب]:
فيقال: هذا لم يكن جائزا في مثل هذا النمط من الوجود و إن كان
جائزا في الوجود المطلق؛ على أنّه إن كان ضرب من الوجود المطلق مبرءا فليس هذا
الضرب؛ و ذلك ممّا قد فاض عن المدبّر الأوّل، و وجد في الأمور العقلية و النفسية و
السماوية، و بقى هذا النمط في الإمكان.
و لم يكن ترك إيجاده لأجل ما قد يخالطه من الشرّ الذي إذا لم يكن
مبدؤه موجودا أصلا، و ترك لئلّا [2] يكون هذا الشرّ، كان ذلك شرا من أن يكون هو؛ فكونه خير الشرّين. و
لكان أيضا يجب أن لا توجد الأسباب الخيرية [3] الّتي هي قبل هذه الأسباب الّتي تؤدّي إلى الشرّ بالعرض، فإنّ
وجود تلك مستتبع لوجود هذه فكان [4] فيه أعظم خلل في نظام الخير الكليّ.
بل و إن لم نلتفت إلى ذلك و صيّرنا التفاتنا إلى ما ينقسم إليه
الإمكان في الوجود إلى أصناف الموجودات المختلفة في أحوالها