الوجود في [1] نظام الخير، و علّة لذاته للخير و الكمال بحسب الإمكان، و راضيا
به على النحو المذكور، فيعقل نظام الخير على الوجه الأبلغ في الإمكان، فيفيض عنه
ما يعقله نظاما [ما] و خيرا على الوجه الأبلغ الذي/DA
44 / يعقله
فيضانا على أتمّ تأدية إلى النظام بحسب الإمكان. فهذا هو معنى العناية.
التفسير:
قال- أيّده اللّه-: هذا الكلام يتّضح بتقرير سؤال و جواب.
أمّا السؤال فهو أن يقال هو إنّكم أبينتم
[2] أنّ الواجب لذاته لا يفعل أمرا لأجل السافلات، بل العلل العالية
كلّها لا تفعل لأجل ما تحتها، بل لا تفعل لأجل الدواعي و الأغراض، و لا شكّ أنّا
نرى الآثار العجيبة في الأجسام الفلكية و العنصرية، و نعلم أنّه لا يمكن صدورها
بالاتفاق، و إنّما يمكن صدورها عن تدبير مدبّر
[3].
و الجواب: نحن و إن أنكرنا أنّ العالي لا يفعل لأجل السافل أمرا لكن
لا ننكر العناية، بل نثبتها، فإذا صدور هذه الأشياء عن الأوّل على وجه الإحكام و
الإتقان بالعناية.
و لا بدّ هاهنا من بيان معنى العناية
[4] و هي كون الأوّل عالما لذاته بما عليه الوجود في نظام الخير، و علّة
لذاته للخير و الكمال بحسب الإمكان، و راضيا به على النحو المذكور.