فصل [23] [في طريق ثالث للبرهنة على العقول المفارقة]
[برهان آخر في إثبات العقول المجرّدة]
و ممّا لا يشكّ [1] فيه أنّ هاهنا عقولا بسيطة مفارقة و تحدث مع حدوث أبدان الناس، و
لا تفسد، بل تبقى. و قد بيّن ذلك في العلوم الطبيعية. و ليست صادرة عن العلّة
الأولى؛ لأنّها كثيرة مع وحدة النوع؛ و لأنّها حادثة و
[2] ليست بمعلولات [3] قريبة لهذا المعني- و [هو أنّ] الكثرة في عدد المعلولات القريبة
محال- فهي إذا معلولات الأوّل [4] بتوسط.
و لا يجوز أن تكون العلل الفاعلية المتوسّطة بين الأوّل و بينها
دونها في المرتبة، فلا تكون عقولا بسيطة و مفارقة؛ فإنّ العلل المعطية للوجود أكمل
وجودا، و أمّا القابلة للوجود فقد تكون أخسّ وجودا، فيجب إذن أن يكون المعلول
الأوّل عقلا واحدا بالذات.
و لا يجوز أيضا أن تكون عنه كثرة متفقة النوع، و ذلك لأنّ المعاني