الجسم نفسا؛ لأنّ الجسم لا يكون متوسّطا بين نفس و نفس.
فإن كانت تفعل نفسا بغير توسّط الجسم فلها انفراد قوام من دون
الجسم و اختصاص بفعل [1]
مفارق لذاتها، و ذوات [2]
الجسم، و هذا غير الأمر الذي نحن في ذكره.
و إن لم تفعل نفسا لم تفعل جرما سماويا؛ لأنّ النفس متقدّمة على
الجسم في المرتبة و الكمال. فإن وضع لكلّ فلك شيء يصدر عنه في فلكه شيء و أثر من
غير أن يستغرق ذاته في شغل ذلك الجرم و به، و لكن ذاته مباينة في القوام و في
الفعل لذلك الجسم، فنحن لا نمنع هذا. و هذا هو الذي نسمّيه العقل المجرّد و نجعل
صدور ما بعده عنه، و لكن هذا غير المنفعل عن الجسم و غير المشارك إيّاه [و] الصائر
صورة خاصة [3] به و الكائن على الجهة الّتي حدثنا
عنها [4] حين أثبتنا هذه النفس [5].
فقد بان و وضح أنّ للأفلاك مبادئ غير جرمانية و غير صور الأجرام [6]، و أنّ كلّ فلك يختصّ بمبدإ منها، و
الجميع يشترك في مبدأ واحد.