قد ذكرنا أنّ المبدع الأوّل على كم أقسام يكون، و أنّ الحق منها ليس
واحد، و هو أن يكون المبدع الأوّل عقلا مجرّدا، و الشّيخ أبطل هاهنا قسمين منها.
أحدهما [1]:
كون ذلك المبدع صورة مادية على طريق السؤال و الجواب.
أمّا السؤال فهو أن لقائل أن يقول: إنّه يجوز أن يكون المبدع الأوّل
صورة مادية يلزم عنها [2]
وجود مادتها.
و أمّا الجواب عنه فمن وجهين:
أحدهما: أنّ الصورة محتاجة في قوامها إلى المادّة، فيستحيل أن تكون
فاعلا [3] لها.
و ثانيهما [4]:
أنّ الصورة لو كانت فاعلة للأشياء لكان ذلك بتوسّط المادّة، فتكون المادّة سببا
لوجود صور [5] الأجسام و قوامها، و هذا محال؛ لأنّ
المادّة حقيقتها أنّها قابلة فقط. فإن كان شيء من المواد ليس كذلك فإطلاق اسم
المادّة عليه ليس إلّا باشتراك الاسم.
فإن قيل: إنّ الصورة توجد عنه المادّة من جهة، و من جهة أخرى توجد
عنه صورة شيء آخر، فلا تكون الصورة الأخرى بتوسّط المادّة.