قال- أيّده اللّه-: هذه حجة أخرى على إثبات العقل السماوي، و
تقريرها: هو أن الفلك متحرّك بالإرادة، و كلّ متحرّك بالإرادة فله في حركته مطلوب،
فالفلك أيضا له في حركته مطلوب.
أمّا إنّ الفلك متحرّك بالإرادة فقد ثبت بذلك.
و أمّا إنّ كلّ متحرّك فله مطلوب، لأنّه لو لم يكن له [1] فيها مطلوب لما باشر الحركة، و أيضا
فإنّ كلّ فعل لا يكون لفاعله فيه غرض المطلوب لا يكون دائما، بل و لا أكثريا، و لا
بدّ أن يكون ذلك المطلوب كمالا عند الطالب، و إلّا لما كان مطلوبا.
ثمّ ذلك الكمال [1]: إمّا أن يكون كمالا حقيقيا، [2]: و إمّا أن لا
يكون.
فإن لم يكن كمالا حقيقيا أمكن أن يظهر عند ذلك الطالب أنّه ليس بكمال
حقيقي، فحينئذ يترك ذلك الطلب و تنقطع الحركة؛ و ذلك على الفلك محال.
فإذا مطلوب الفلك من الحركة كمال حقيقي. و ذلك الكمال و الخير
الحقيقي [1]: إمّا أن يكون خيرا ينال جوهره بالحركة، [2]: و إمّا أن يكون خيرا و
كمالا لا ينال جوهره بالحركة، بل هو مباين.
فالأوّل محال، و إلّا لانقطعت الحركة عند الفعل أو طلب المحال، فإذا