قال- أيّده اللّه-: لمّا أثبت أنّ الواجب لذاته لا يعلم الجزئيات من
حيث هي متغيّرة فاسدة، و إنّما يعلمها على وجه كلّي لا يعزب عن علمه شيء جزئي- و
هذا مشكل- أراد أن يبيّن كيفية هذا الكلام.
و تلخيص كلامه هو أن يقول: قد يعلم ذاته، و يعلم أنّه مبدأ لكلّ
موجود، و يعلم أوائل الموجودات و ما يتولّد عنها. و قد
[2] علمت [3]
أنّ الأشياء لا توجد ما لم تجب من جهة أسبابها، و الأسباب بمصادمتها تتأدّى إلى أن
توجد عنها الأمور الجزئية، فالأوّل يعلم الأسباب، و إذا كان عالما بأسباب الجزئيات
كان عالما بها، لكن من حيث هي كليّة؛ لأنّ الشيء إذا علم بسببه لا يعلم إلّا
كلّيا، لأنّك إذا علمت أنّ الألف مثلا موجب للباء فالباء من حيث إنّه باء لا يمنع
نفس تصوّره عن وقوع الشركة فيه، و كونه معلولا للألف لا ينافي الكليّة؛ فإذا الباء
الذي [4] هو معلول الألف لا يمنع نفس تصوّر
معناه من وقوع الشركة فيه، فإذا الشيء إذا علم بسببه لا يعلم إلّا كلّيا.
ثمّ ذكر مثالا لزيادة الكشف، و هو أنّك إذا علمت الحركات السماوية
كلّها فلا شكّ أنّك تعلم كلّ كسوف و كلّ اتصال و انفصال جزئي يكون بعينه، و لكن
على نحو كلّي، لأنّك تقول في كسوف معيّن