و ليس كذلك الحس للمحسوس [1]؛ فاللذة الّتي تجب [2] لنا [3]
بأن نتعقّل ملائما هي فوق اللذة [4] الّتي تكون لنا بأن نحسّ ملائما و لا نسبة بينهما.
التفسير:
قال- أيّده اللّه-: لمّا ذكر أن مبدأ إدراك الكمال [5] و الجمال إمّا الحسّ و إمّا الخيال و
إمّا الوهم و إمّا الظن و إمّا العقل أثبت هاهنا أنّ الإدراك العقلي أقوى من
الإدراك الحسي و احتج بوجوه:
أحدها: أنّ العقل يدرك الأمور الثابتة.
و ثانيها: أنّ العقل يدرك الكلّيات، و لا كذلك الحسّ، فإنّه يدرك
الأمور المتغيّرة و الجزئية.
و ثالثها: أنّ الإدراك العقلي يتّحد به و يصير هو هو [6].
و رابعها: أنّ العقل يدرك الشيء بكنهه، و كأنّه عارض في ماهية
المدرك يعرف الأجناس على اختلاف مراتبها و الفصول على اختلاف مراتبها. و يميّز
حقيقة كلّ واحد منها عن الآخر، و لا كذلك الحسّ، فإنّه لا يدرك إلّا ظاهر المحسوس.
و لمّا أثبت هذه المقدّمة أنتج منها و قال: اللذة الّتي لها من إدراك
الملائم فوق اللذة الّتي يكون الحسن من إدراك ما يلائمها.