نام کتاب : المبدا و المعاد نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 30
القوّة الغريبة، فحينئذ تستولي القوّة الطبيعيّة، و تحدث حركة مائلة
من تجاذب القوّتين احدهما إلى جهة القوّة الطبيعيّة.
و لو لا حال مصادمة المتوسّط و كسره للقوّة الغريبة لكانت القوّة
الطبيعيّة لا تستولي عليها البتة إلّا بعد بلوغها الغاية التي يوجبها تناهي كلّ
قوّة جسمانيّة.
و كلّ قوّة محرّكة على الاستقامة فسكونها فى تلك الغاية، لأنّ تلك
الحركة تطلب ذلك السكون، فاذا بطل الميل و اندفع الجاذب عن تلك القوّة بموافاتها
مكانها المطلوب عادت القوّة الطبيعيّة إلى فعلها إن وهنت القوّة بتمام فعلها او
بأسباب اخرى.
و إنّما حكمنا بهذا الحكم، لأنّ القوّة الغريبة لو لا أنّها استولت
على القوّة الطبيعيّة لما قهرت ميلها؛ ثمّ لا يجوز أن يستحيل المغلوب غالبا و
الغالب مغلوبا إلّا بورود سبب على أحدهما او كليهما، و محال أن يتوهّم أنّ القوّة
العرضيّة تبطل بذاتها، فلا يجوز أن يكون شىء من الأشياء يبطل بذاته او يوجد
بذاته، بعد أن يكون له ذات تثبت و توجد؛ فالقوّة الطبيعيّة إنّما تعود غالبة على
القوّة العرضيّة بمعاوق ينضمّ إليها، و ذلك أنّ المعاوق يعاوقها معاوقة بعد معاوقة
تكون مقاومة لما يتحرّك فيه، فيكون لذلك تأثير فى القوّة الغريبة بعد تأثير. و قد
شبعنا الكلام فى ذلك حيث تكلّمنا الكلام المبسوط على الأحوال كلّها، فانّ القوّة
القسريّة حالها فى إيجاب الحركة بتجدّد الايون عليها حال الطبيعة إلى أن تبطل.
فان قال قائل: إنّا نرى الماء تبطل حرارته المستفادة بذاتها، لانّها
عرضيّة.
فانّا نقول له: كلّا، بل كانت الحرارة تثبت قوّتها فى الماء لحضور
علّتها المجدّدة لقوّتها دائما؛ فاذا بطلت علّتها و تجديدها فيه الحرارة شيئا بعد
شىء أقبل عليها برد الهواء و القوّة المبرّدة فى الماء، فابطلاها، و كانا قبل
يعجزان عن إبطالها، لحضور القوّة المسخّنة المجدّدة دائما بسخونة بعد سخونة، و
تسخّن الهواء المماسّ لذلك الماء مع الماء.
نام کتاب : المبدا و المعاد نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 30