نام کتاب : المبدا و المعاد نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 117
و لا يبعد أن يكون مثل هذه النفس قوية غير مذعنة للطبيعة، و ممتنعة
على المجاذبات الشهوانيّة و الغضبيّة إلّا على ما يحكم به العقل.
فهذا هو أشرف الأنبياء و أجلّهم، و خصوصا إذا انضمّ، إلى خاصّته هذه،
ساير الخواصّ التي أذكرها. و هذا الانسان كأنّ قوّته العقليّة كبريت و العقل
الفعّال نار فيشتعل فيها دفعة و يحيلها إلى جوهره، و كأنّه النّفس التي قيل لها:
«يكاد زيتها يضيء و لو لم تمسسه نار، نور على نور».
[فصل 17] فى أنّ الوحى بالمغيبات كيف يكون، و الرؤيا الصادقة كيف
تكون، و بما ذا تفارق النبوّة الرؤيا
و أمّا الخاصّة الاخرى فهى متعلقة بالخيال الذي للانسان الكامل
المزاج.
و فعل هذه الخاصّة هو الانذار بالكائنات، و الدلالة على المغيبات؛ و
قد يكون هذا لاكثر الناس فى حال النوم بالرؤيا. و أمّا النبي فانّما يكون له هذه
الحال فى حال النوم و اليقظة معا.
فامّا السبب فى معرفة الكائنات فاتّصال النفس الانسانيّة بنفوس
الأجرام السماويّة التي بان لنا فى ما سلف أنّها عالمة بما يجري فى العالم
العنصرىّ، و أنّ ذلك كيف هو، و أنّ هذه الأنفس فى الأكثر إنّما تتصل بها من جهة
مجانسة بينهما، و المجانسة هى المعنى الذي هناك يقرب إلى مهمّات هذه.
فاكثر ما يرى ممّا هناك هو مجانس لأحوال بدن هذه النفس او من يقرب
منه، و إن كانت تتّصل اتصالا كليا فانّما يتأثر منها فى الأكثر تأثرا اكثريا كان
يقرب من هممها. و هذا الاتصال هو من جهة الوهم و الخيال، و باستعمالهما فى الامور
الجزئيّة. و امّا الاتصال العقلى فذلك شىء آخر، و ليس كلامنا فيه.
ثمّ الخيال يقطعه عن خاص أفعاله فى اليقظة شيئان: أحدهما دونه، و هو
الحسّ، فانّ النفس و الحاسّ المشترك إذا أقبلا على الانفعال من
نام کتاب : المبدا و المعاد نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 117