نام کتاب : المبدا و المعاد نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 110
لكثير منها.
فتارة تحمل النفس على البدن فتقهره، و تارة تسلّم للبدن فيمضى البدن
فى فعله، فاذا تكرّر تسليمه له أحدث ذلك فى النفس هيئة إذعانيّة للبدن حتّى أنّه
يعسر عليه بعد ذلك ما كان لا يعسر قبل من ممانعته و كفّه عن حركته، و إذا تكرّر
منعه له حدث فى النفس هيئة غالبة يسهل بذلك عليه من معاوقة البدن فيما يميل اليه
ما كان لا يسهل قبل.
و إنّما يقع هيئة الاذعان وقوع أفعال من طرف واحد فى التقصير و
الافراط، و إنّما تقع هيئة الاستيلاء بان يجرى الأفعال على التوسّط، فلا يمكن
إيجاب شىء بعد سلب شىء، فانّ الفاتر مثلا لا حارّ و لا بارد بالحقيقة. فانّ
الهيئة الاستيلائيّة ليست هيئة غريبة من جوهر النفس، بل من طبع التجرّد و التفرّد
عن المادّة و لواحق المادّة، و الهيئة الاذعانيّة هى الغريبة المستفادة من المادّة
المضادة لما عليه مقتضى جوهر النفس.
فسعادة النفس فى كمال ذاتها من الجهة التي تخصّها هو صيرورتها عالما
عقليّا، و سعادتها من جهة العلاقة التي بينها و بين البدن أن يكون لها الهيئة
الاستيلائيّة.
ثم اللذّة تتبع الادراك لا حصول الكمال، بل اللذّة هى إدراك الملائم.
فاللذّة الحسيّة هى إدراك الملائم الحسّى، و يجب أن يكون بغتة. و ذلك
أنّ الحسّ إنّما يحسّ بالخلاف، و لا يحسّ شبيه الآلة فى الكيف. فاذا استقرّ الكيف
الحسّى فى الآلة لم يحسّ بها من الوارد عليها، فانّما يكون إذا قبل الاستقرار، و
لهذا تكون اللذة الحسيّة هى الحسّ بالملائم بغتة. و أمّا الملائم الحسّى فاذا وصل
و وجد و لم يحس لم يكن لذّة. فكذلك الغلبة إذا وقعت و لم يحسّ بها لم تكن لذّة.
و قد أخطأ من ظنّ أنّ اللذّة الحسيّة هى الرجوع الى الحال الطبيعيّة
فاذا بلغت لم تكن لذّة. فانّ هذا ليس بلذّة، بل سبب فى بعض الأشياء لوقوع اللذّة،
نام کتاب : المبدا و المعاد نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 110