واحد، و لا نشك فى أن معناها قد حصل فى نفس من يقرأ هذا الكتاب.
و الشىء و ما يقوم مقامه قد يدل به على معنى آخر فى اللغات كلها،
فإن لكل أمر حقيقة هو بها ما هو [1]، فللمثلث حقيقة أنه مثلث، و للبياض حقيقة أنه بياض، و ذلك هو الذى
ربما سميناه الوجود الخاص، و لم نرد به معنى الوجود الإثباتى [2]. فإن لفظ الوجود يدل به أيضا على
معانى كثيرة، منها الحقيقة التى عليها الشىء، فكأنه ما عليه يكون الوجود الخاص
للشىء.
و نرجع فنقول: إنه من البين أن لكل شىء حقيقة خاصة هى مهيته، و
معلوم أن حقيقة كل شيء الخاصة به غير الوجود الذى يرادف الإثبات، و ذلك لأنك إذا
قلت: حقيقة كذا موجودة [3] إما فى الأعيان، أو فى الأنفس، أو مطلقا يعمّهما جميعا، كان لهذا
معنى محصّل مفهوم.
و لو قلت: إن حقيقة كذا، حقيقة كذا، أو أن حقيقة كذا حقيقة، لكان
حشوا [4] من الكلام غير مفيد. و لو قلت: إن
حقيقة كذا شىء، لكان أيضا قولا غير مفيد ما
[5] يجهل؛ و أقل إفادة منه أن تقول: إن الحقيقة شىء، إلّا أن
[2] - الوجود الإثباتى هو مقابل الوجود الحقيقي، و الإثباتى ما
يثبته العقل في الذهن من الوجود العام البديهي الانتزاعي الذي هو من المعقولات
الثانية و المفهومات الاعتبارية، و قد تفوّه بالوجود الإثباتي صاحب الأسفار في
مواضع منها في الفصل السابع من المنهج الأوّل من المرحلة الأولى (ص 14، ج 1، ط 1)
و منها فى الفصل 28 من المرحلة السادسة (ص 192، ج 1) و منها على التفصيل و البيان
في أواسط الفصل الثالث من المرحلة الثالثة (ص 103، ج 1).